أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
Edshublaq5@gmail.com
حاولت كثيرا وفي لغات عده أن أجد كلمه مرادفه أو مشابه لكلمه ” التقوى –Piety “فلم أفلح! والحقيقة أن هناك كلمات متقاربه، ولكن لا تؤدي المعنى الدقيق للكلمة إياها مثل التواضع والزهد والتقشف والمروءة والورع غيرها من مفردات قواميس اللغة المحلية والعالمية.
حوارنا اليوم عن ” التقوى” لأنها محور تحدياتنا اليوم وتحديدا في هذا الزمان العاصف بقيمنا واخلاقنا ومنهج حياتنا والذي كنا في غنى عنه منذ سنوات قليليه فائتة والتي عرفها الامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالعناصر التالية:
الخوف من الجليل
العمل بالتنزيل
الرضى بالقليل و
أخيرا الاستعداد ليوم الرحيل.
والحقيقة أنها منهجيه أو فلسفه متكاملة لبني البشر على هذه الأرض التي هيئت له للمعيشة المؤقتة قبل المغادرة لدار الحق. التحديات التي تدور من حولنا اليوم شككت الكثير في هذه العناصر وهل بالإمكان مازال تحقيقها او التمسك بها، فالعاصفة أو العواصف الفكرية والأخلاقية والدينية والاجتماعية وحتى السياسية منها اشتدت وقويت وربما أطاحت بالكثير من المفاهيم والقيم التي سادت لمده طويله بيننا.
من هو ” الجليل “؟ وهو أسم من أسماء الله الحسنى والدال على عظمه الرب أو الاله (في أي دين كان) جل جلاله وقدرته المتصرف في أمور الكون …! من منا اليوم يخاف من ربه سواء كان اليهودي أو النصراني أو المسلم؟ ولماذا يخافه وهل ستعاقبه الدولة أو الحكومة على ذلك الفعل أو التصرف؟ أو من سيحاسبه اليوم على ذلك وكيف تخاف من شيء لا تراه أو تلمسه وهنا التحدي الحقيقي للإنسان (المؤمن التقي أي كانت ملته) وهي أن تعرف بأن الله / الجليل مراقبا لك في كل شيء (من حيث الزمان والمكان) وسواء أظهرته أم أخفيته، بل وعلى العكس تماما فقد تم تصويره وتسجيله بكاميرات وأجهزه تنصت من نوع أخر ملازمه لهذا المخلوق ومنذ ولادته أو ربما قبل ذلك (علم الغيبيات).
المرء “التقي Pious ” هو من يعلم تماما ويقينا بأن الرب / الجليل (خالقه وسيده) يراقبه في كل أعماله العامة والخاصة السرية منها والجهرية وعلى مدار الساعة ليلا ونهارا وهذا الصنيع أو العمل لحماية الانسان نفسه من الغش والخداع والاحتيال والكذب بينه وبين نفسه ومع الاخرين من حوله.
أما العمل ” بالتنزيل ” والمقصود بها الكتاب المقدس المرسل من الرب ومن خلال رسله الكرام (موسى وعيسى ومحمد) عليهم أفضل الصلوات/ الصلاة والسلام. الكتب السماوية هذه (الزبور والانجيل والقرآن) بمثابة السياسات والإجراءات التي تنظم حياه البشر في الأرض ولابد من اتباعها والعمل بها لكي يهنأ المرء في معيشته في هذه الدنيا ويرحل سالما غانما للدار الأخرة وحقيقة الامر أن هذه الكتب لم تترك شيئا من أمور الانشان من بني البشر الا ووضحته (معيشة/رزق/زواج /طلاق/ميراث/سفر/متع/تعلم/قتل/فواحش/صله رحم/نوم/عباده/بيع وشراء /حسد/ ……!) فان عمل الانسان بهذا “التنزيل “وأحسن عمله خالصا لوجهه ربه فقد اتقى الله في أعماله وفاز بالجنة التي وعد الله بها عباده.
أما الرضى ب ” القليل” فهي فلسفه قائمه بذاتها، فمن منا اليوم يرضى ويقنع بالقليل في رزقه وماله وعياله وقوت يومه، من منا اليوم لا يشتكي من قله موارده المالية والأسرية والمعيشية، من منا اليوم يكره المال والجاهة/الوجاهة والشهرة وربما السلطان أو القوة في التحكم في الأشياء وهل انت مستعد للإفصاح عن كل ريال أوجنيه أو دولار اكتسبته (بطريقه شرعيه أو لا أو ربما حلالا أو غير ذلك!) في حياتك ومن ثم أنفقته أو خزنته وهل حلت البركة عليك وعلى اولادك وأهلك.
المرء “التقي” يدرك تماما مغزى هذا الكلام وتبعاته وربما فضل، في بعض الأحيان، أن يموت فقيرا أو مسكينا لا أن يموت غنيا بخيلا أو متذمرا شاكيا طوال وقته من سوء حاله ومعيشته وغالبا ما تتناسى هذه النوعية من البشر أمر توزيع الارزاق والمعيشة (سيسأل المرء عن ماله فيما اكتسبه وكيف أنفقه! فهل أنت مستعد لذلك؟) بين البشر في الحياة الدنيا.
وأخيرا من منا استعد لرحلته النهائية (ذهاب فقط أو اتجاه واحد فقط لا غير!) فالاستعداد ليوم الرحيل هو الفصل الأخير من منهجيه ” التقوى”، فلسفه واضحة المعالم، في إنهاء هذه الفترة الدنيوية محدودة الزمان والمكان، فهل تزودنا لهذا اليوم؟ وماهوا خير ما تزودنا به من أعمال صالحه نقابل بها خالقنا وسيدنا في يوم التلاقي (وتزودوا فأن خير الزاد …. لم يقل المال أو السلطان أو كثرة الأولاد والخيل والقصور … بل قال … التقوى) جل جلاله في علاه.
الاستعداد ليوم الرحيل هو خلاصه الاعمال الدنيوية للإنسان أو نهاية الرحلة المؤقتة له في هذه الدنيا – دار الاختبار للجنه أو للنار- فهل أتقينا الله وعملنا بمنهجيه “التقوى” وماذا خططنا لرحله العودة ، هل قمنا بمراجعه النفس يوميا لمحاسبتها على التقصير والاثم والعصيان ، هل تعاملاتنا مع الاخرين كانت بعيده عن الحلم والمحبة والتسامح ، هل قترنا على زوجاتنا واولادنا وحرمناهم من مستحقاتهم ، هل كنا بارين بالأهل والارحام ومحبين لمن حولنا من مخلوقات الله ، هل … وهل .. هل وضعت خطيت الاستراتيجية لمقابله مولا ما كنت تفعل في الدنيا عند لقائم مع مدير المباشر … اللهم ارحمنا برحمتك وسامحنا عن تقصيرنا ولا تؤخذنا أن نسينا أو أخطانا ربنا ولا تحمل ما لا طاقه لنا به و أرحمنا انت مولانا ….!
والله المستعان.