تحرش طبيعي – أستراليا اليوم
كلما سمعنا عن مصطلح “التحرش” ورد إلى أذهاننا نوعين، هما الرجل والمرأة، وأن المتحرش هو الرجل والمتحرّش بها هي المرأة، ودائماً المتحرَّش بها هي الضحية والرجل هو الجاني.
ولكن للأسف توسع مفهوم التحرش، من إنساني إلى سياسي إلى طبيعي، أي ان الطبيعة صارت تتحرش بالإنسان وتحتك به وتضايفه.
فالتحرش الطبيعي شمل الامراض الفتاكة والاوبئة التي تفتك بالإنسان، ولم يجد منها مناص لا بالأدوية ولا اللقاحات ولا بالوقاية التي كان يُقال عنها في القديم انها خير من العلاج.
كما امتد تحرش الطبيعة بالإنسان إلى الزلازل والبراكين ونفوق الأحياء البحرية وتلوث النباتات وسرطنة الخضروات، وصار الإنسان معرض للموت بالأوبئة والسرطانات والفشل الكلوي والقلب إذا أكل، ومعرض للموت إذا صام أيضاً.
حتى صار عمر الإنسان قصير جداً، بعدما كان يتجاوز مئات السنين صار لا يتجاوز عشرات السنين، فإن مات إنسان في سن الستين، صرنا نقول عنه أنه عاش أكثر من اللازم، على عكس ما كان في الماضي، إذا مات في عمر التسعين نقول عنه أنه اختُطفن ونحزن على فراقه.
كل هذه التحرشات التي تقوم بها الطبيعة ضد الإنسان، مّنْ الذي تسبب فيها، إنه الإنسان، هو الجاني الذي عبث في كل شيء حتى الطبيعة، استخدم الكربون أسوأ استخدام، استخدم المفاعل الذري والنووي أسوأ استخدام، صنع أسلحة الدمار الشامل، وصار يدفن مخلفات التفاعلات النووية، ويختارون دولاً تقبل الرشوة مقابل أذى شعبها، استخدم الكيماويات في تغذية النباتات والحيوانات والطيور، ليضمن مكاسباً مضاعفةً.
ففقد جمال الطبيعة، وفقد جمال كل شيء طبيعي، فغضبت عليه الطبيعة وانقلبت عليه وصارت هي التي تتحرش به حتى وإن لم يفعل شيء.
فيها نستفيق من غفلتنا ونعيد للطبيعة جمالها، ونتجنب المزيد من الخراب للطبيعة وللكائنات الحية لعلها ترضى عن الإنسان وتكف عن التحرش به.
رئيس التحرير / سام نان