بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
عندما كنت صغيراً في بلدي الأم ومن ثم كبرت في بلد الغربة الاولى وكلاهما عربيتان كنا نخاف من ” الكلاب ” وعض الكلاب وملاحقتها للأطفال والكبار على السواء فلم تكن بطبيعتها شرسة وهجومية، ولكن تعامل الناس معها بقسوة وربما بوحشية هي من جعلها بالمزاج السيئ والطباع العدوانية فلقد عانت الكثير من ضرب الشباشب و(الجزم /الكنادر/ الصرامي ) وقذف الحجارة الموجع لدرجة ابتعادها للبرية والأماكن الغير مأهولة متحسرةً على وضعها البائس في مجتمعات كانت تؤمن بالرفق بالحيوان سواءً كان ذلك كلباً أو قطة ( هرة / بسة /بزون/بسينة / .. وباقي دول المغرب العربي!).
الطريف المحزن والمؤسف أن “الكلب “وزميله “الحمار” لم يسلما من الضرب والتعذيب في مطلع شبابهم بل تعدى ذلك للإهانة والذل لباقي أعمارهم وكأن هناك ثأرا بينهم وبين خليفة الله في الأرض ، فإذا ما شاهدت فأراً مثلا يتسلل للحمام من فتحة ( المنور) المخرومة لقلت في نفسك- يا ابن الكلب – كيف قدر ينسل بهذه السرعة، أو لو كانت هناك قطة تعبث بأغراض المطبخ لأسرعت بنداء شريكتك ( أو شريكك ) لإخراج بنت الكلب من المطبخ ومؤكداً أن هذه الحيوانات بدءاً من صرصور الحمام وحتى الكنغر ( كانغارو ) سينعت بأبن أو بنت ( أو مزدوج الهوية أو الجنس!) الكلب مع العلم بأن أب الصرصور هو صرصور وأب الكنغر هو كنغر أيضا وطبعا ينطبق ذلك على كل الحيوانات (والله أعلم).
فإذا ما كان ” الكلب ” أو الكلاب مفترى عليها من عامة الناس في تلك البقاع من الأرض فهناك أيضا طبقة من المجتمع المخملي والتي كانت تعيش بيننا ولم نكن لنرى ” كلابهم “هائمة في نفس الشوارع لكيلا تختلط بكلاب باقي الشعب وتفسد أخلاقها وتكتسب بعضاً من عدوانيتها! أما موضوع الحمار فغالباً ما تستعمل (الشتيمة أو المسبة) لكون الطرف الثاني قد أساء الاستخدام أو الاستعمال أو استخدم غباءه في توصيل معلومة أو أداء للطرف المقابل فرداً كان أو مجموعة فغالباً ما كنا نسمع الجمهور الكروي مثلاً حين يشتم اللاعب المخطئ في التسديد للمرمى بقوله (ولك يا حمار شوت/شوط في الجهة الأخرى!) أو معاقبة الطفل حين يخطئ في الإجابة – ولك افهم يا حمار -! ولا أدري إذا ما كان الحمار غبياً فعلاً أو معدوم الذكاء مع العلم بأن الدراسات والأبحاث أثبتت فعالية حليب الحمير وبعضاً من مشتقاتها (بعد أن تذوق الشعب بعضاً من لحومها – من دون علم طبعاً!). من هنا يتضح بأن المسبة أو الشتيمة (العربية) هي متعلقة بالفهم والإدراك والأداء، والحمار هو المقصود بذلك وإذا ما كان هناك فعلاً أو رد فعلٍ (غاضب أو مزعج) من الطرف المقابل فمؤكد أن الكلب هو المعني بذلك!
أما في الغربة الثانية وبعيداً عن تلك البقاع فأضحيت (صرت) أقارن بين كلابنا وكلابهم ويعلم الله كم حزنت على الفريق الأول والذي عاش مقهوراً ومات ذليلا بسبب ممارساتنا العنصرية والغير إنسانية، وبالرغم من نفس نوعية الكلاب هذه إلا أن الأخيرة قد حصلت على حقوقها كاملة من علب طعام مغلفة وفاخرة وأماكن مجهزة للنوم والراحة وإخراج الفضلات بالإضافة الى التنزه اليومي أو الأسبوعي مع الترحيب بهم في كل الأماكن العامة والخاصة بالإضافة للتحسيس والتلميس على مناطق العنق والظهر من قبل الكبار والصغار وصدق المثل القائل بأن الكلب هو “الصديق الوفي للإنسان “(إذا ما أحسن تربيته ) فقد اتضح أن الكلاب تتمتع بصفاتٍ عظيمةٍ لا يعرفها كثير من الناس وأهمها الذكاء والوفاء وكان الله في عون كلابنا وكلاب بعضٍ من دول أسيا والتي تستمتع أحيانا بلحومها وشحومها وربما لتحسين هرمونات الوفاء والذكاء لديهم والله المستعان.