شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com

تتأثر قليلا وربما تحزن كثيرا أن ترى جورج ونعيم أو عبد الكريم أسترالي التولد لمهاجرين عرب أباً عن جد لا يعرفون من اللغة العربية إلا اسمها وقد سألت الكثير منهم … لماذا؟ ولماذا الإيطالي والصربي والهندي والصيني يعتز كل منهم بلغته الأم بالإضافة الى اللغة الإنجليزية الأسترالية؟ وحقيقة الامر أن الإجابة جاءت صادمة ومخيبة للآمال فالكل أجمع أن الوالدين لم يقوما ببذل الجهد المطلوب لتعليم أولادهم لغة آبائهم وأجدادهم، بل تمادى البعض في كره لغة الضاد جملة وتفصيلا وكأنه يود الانسلاخ من إرث الهوية او التبعية وقام متعمداً ومتباهياً بتبنيه لكل الاشكال والألوان التي يقوم بها المستعمر الأبيض متناسياً أن الأخير هذا قد ترفع عن قبوله للتجنس وبقي على جنسيته الأصلية باعتبارها الأقوى والمسيطرة والمتحكمة في كل الأمور.
التهاون في تعلم لغة الأم ولو في المنزل (ان كان يخجل منها) ستقود الى تجهيل أجيال لاحقة سواء من ناحية اللغة وارتباطها بالأهل والمعارف في المشرق العربي أو بالدين وأين كانت مذهبيته او طائفته وقد اتضح بان المهاجرين العرب من أكثر الجاليات استعداداً وتقبلاً للانسلاخ عن لغتهم والتخلص من آثارها وذهابهم الى التقليد والتشبه بالأخر بنية التحضر والرفعة والسمو ومحاولة الوصول الى المراكز العليا في الحياة السياسية أو الاجتماعية في أستراليا.
قديماً كانت اللغة العربية (والدين في بعض الأحيان) تدرس في أيام السبت والآحاد في بعض المدارس الخاصة او الجمعيات في أستراليا ومن الصعب تغافل الضغوطات التي تكون على الأطفال في تلك المرحلة وربما استسهل هؤلاء التخاطب بين بعضهم البعض باللغة الإنجليزية كونها لغة المدرسة الرئيسية وما يصاحبها من تقنيات وأحداث مسلية وجذابة في الوقت الذي يبذل الكثير من أصحاب الهمم العالية الجهد والوقت والمال في المحافظة على لغة الآباء والأجداد وربطها بالهوية والثقافة العربية شأنهم شأن الكثير من الأقليات الإثنية أو العرقية التي تسكن أستراليا في الوقت الحاضر.
المحافظة على اللغة العربية مشروع حضاري مهم في بلد المهجر أو الاغتراب وسمه ما شئت وسواء كنت عربياً نصرانياً أو مسلماً أو غير ذلك فالرسالة والأمانة واجبة على كل أب وأم ينتميان للغة الضاد أو حتى من غير العرب من السريان والكلدان والأشوريين والكنعانيون والأقباط والأرمن والمسؤولية عظيمة وكثيراً من الأجيال تمنى لو كان يجيد أو يتقن العربية لتمكينه من قراءة كتبه من الانجيل والتوراة أو القرآن للحفاظ على ثقافته ولغته ودينه ومن ثم أولاده وأحفاده من بعده .والله المستعان.