شارك مع أصدقائك

بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
وعضو مجلس إدارة مجله عرب أستراليا
Edshublaq5@gmail.com

يمكن للعنوان أعلاه أن يأخذ لغة التسلسل المنطقي لوصول المهاجرين (وبأعداد متزايدة) لأستراليا، فقضيه الإسكان والتسكين أو البحث عن سكن لهو الان من أشد المحن والأزمات للمهاجرين الجدد وخصوصا للعائلات منهم وقد تسمع بأن أحدهم قد مكث / يمكث من 4-6 أشهر وربما أكثر لكي يظفر بمكان فقط للنوم وقد تكون غرفه وصاله أو ما شابه وفي مقربه من (اليس سبرنج) أو لا تبعد كثير عن (واجا واجا أو كفس هاربر)!
البحث عن سكن اليوم في ولاية نيو ساوث ويلز أصبح كمن يبحث عن وظيفه يتنافس عليها العشرات وربما المئات فيجب عليك التقدم بتعبئة الطلب application والمكون من 4-6 صفحات وربما أكثر وقد ترفق السيرة الذاتية معه واثنان من الشهود واخرين معرفين وخطاب البنك والملاءة المالية ( العالية ) وما تملك من سيارات وسياكل (درجات هوائية) وخطاب العمل والبوليس وعدم التحرش بالأطفال ولا التطرف الديني ولا التحيز الجنسي LGBT وقد يطالب بعض مديرو العقار بشهاده من محلات التسوق ( ويلليز أو كولز) لأثبات التدفق الأسبوعي للمشتروات ! في المرحلة الثانية من الإجراءات قد تتطلب عمل مقابله شخصيه مع طالب السكن وربما بعض من افراد اسرته وقد تكون بالهاتف أو وجهه لوجهه وقد يكون المالك ومديري العقار والموارد البشرية من ضمن اللجنة وقد تتركز الأسئلة على خلفيه الشخص العرقية ومدى تقبله للتعددية الثقافية وتعامله مع الاخرين أو ما شابه وأما المرحلة الثالثة والأخيرة وفي حال اقتناع اللجنة فيكون في الابتزاز المالي والرابح هو من يدفع أكثر ( ولا يلتفت للمبلغ المذكور في الإعلان اطلاقا ) وكم هو المبلغ المدفوع مقدما ومده العقد وقيمه الإكرامية لموظف العقار ( يفتح المزاد سريا) الذي كان معك وقت الفحص inspection .
هل انتهت معاناة السكن أو التسكين housing or accommodation هذه وكم كانت سهله وبسيطة على ما يبدوا. ربما لا للبعض! فقد تم رفع الايجار في السنة التي تليها أوهناك إنذار للساكن بأخلاء المسكن لظروف عائليه وهكذا تدور الدوائر وتعود للمربع رقم واحد ولنفس الصداع من جديد!
في نفس الوقت الذي يعاني منه المهاجر أو المهاجرون من حمى السكن والتسكين تأتي معضله البحث عن العمل أو الوظيفة ولسان الحال يدرك بأنها أسهل نوعا ما من سابقتها لكون معظم المهاجرين وفي بداية قدومهم لا يهمهم كثيرا نوعيه أو طبيعة العمل المنشود طالما هناك ما يتيسر (كاش في اليد) ولا يهم المكان أو الزمان فالنقص في الايدي العاملة في الولاية ملحوظ نتيجة الطلب المتزايد على جميع القطاعات من اعمال مباني وإنشاءات ومواصلات، ومطاعم، ودعم لوجستي، وغيره.
موضوع التوظيف employment في استراليا عجيب وغريب ومرهق في نفس الوقت ولا تدري تماما ما هي السياسات العامة في هذا الخليط غير المتجانس فالأسترالي الإنجليزي يحب أن يعمل مع ربعه ( جماعته الانجليز ) وكذلك الأسترالي الايرلندي ( وهناك عداوة قديمة بين الاثنين وانتقلت معهم ) والاسكوتلندي ويساعد بعضهم البعض واذا ما ذهبت شرقا أو غربا فتجد الصيني والاسيوي ( هندي/بنغالي/سرينكالي ونيبالي ومن حولهم قد يفعل نفس الشيء) اما الجنسيات الأخرى فقد يظهر عليها الحسد والشماتة وربما الحقد لأبناء الجنس الواحد ولا يحب أحدهم أن يساعد الاخر لكي لا يستولي على معارفه وربما مصلحته وما تقوم به الشركات الكبيرة والمؤسسات ولتفادي الحرج بأن تقوم بتوظيف الأصفر والاسمر والصالح والطالح لذر الرماد في العيون وتعزيز مبدئ الشفافية والتعددية الثقافية ( المزيفة ) مع العلم بأن هؤلاء قد تكون مشاركتهم في سوق العمل والإنتاجية هامشيه وبدون قيمه مضافه للاقتصاد الوطني وقد تم توظيفهم للسياسات الإعلامية والتشدق بالمساواة والعدل وما الى ذلك من النفاق والكذب.
الكم الهائل من المهاجرين المقبولين على تأشيرات المهارات المهنية من أطباء ومهندسين وأكاديميون ومهنيون أخرون وجدوا أنفسهم اليوم يتسولون في طوابير الضمان الاجتماعي (السنتر لنك) حالهم حال (الجنكي والمونكي!) وقد خيل لهم أو هيئ لهم بأنهم في أرض الفرص والاحلام الجديدة وسيجدون ما يبتغونه من وسائل الراحة والسعادة والمال الوفير.
الكثير من طالبي الوظائف في استراليا وممن تعلموا ودرسوا وتخرجوا من جامعاتها وكلياتها اليوم يعانون من سياسات التوظيف وقد أمضى بعضهم الشهور وربما السنين للظفر بأحد الفرص الوظيفية المناسبة للتخصص والخبرة المصاحبه وقد تعلمت وسمعت للكثير من القصص المفرحة والمحزنة في هذا الموضوع فالبعض قد أرسل مئات وربما أكثر من الطلبات والسير الذاتية الصحيحة وغير الصحيحة والبعض الاخر تعرف على مسؤولي التوظيف في الشركات وقدم الهدايا والقرابين وشاركهم في الحفلات والمناسبات وما إلى هنالك وهكذا! وأما الخبرة المحلية والأسباب الأخرى فيمكن التغلب عليها خصوصا إذا ما تمت الموافقة حين إصدار القبول للتأشيرة في بداية الامر ومن ثم التدريب والتأهيل فيما بعد.
وأخيرا موضوع التجنيس أو المواطنة فقد بدء يتصعب تدريجيا وهو أمر قد يكون طبيعيا للبعض نتيجة للزيادة الهائلة في عدد المتقدمين فقديما كانت الأمور تتم بسرعه ويسر أكثر إذا ما أتم المتقدم لعدد من السنيين (720 يوم) وبعدها يكون الامر أكثر سهوله ومرونة ويمكن الحصول على الجنسية الأسترالية في خلال سنتين ونصف في معظم الأحوال.
وأخيرا نختم بأن هناك ضغوط كبيره على الحكومات الحالية والسابقة في موضوع الهجرة والمهاجرين وقد تطول بعض الإجراءات والمعاملات وأستراليا اليوم ليست كأستراليا في العقد الماضي والمستجدات كثيره والتحديات معقده ولكن نأمل في انفراجات ملحوظه تريح من هموم المعنيين فالأمر لا يتحمل فالغلاء وصعوبة المعيشة والتضييق على المهاجرين وغير المهاجرين قد يؤدي الى أمور نحن في غنى عنها الان وقد تودي الى اختلال في نسيج المجتمع الأسترالي المتحاب والمتماسك ضد التطرف الفكري والعقدي والعنصري والإرهاب بجميع أنواعه. والله المستعان