شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

وصلت إلينا الأخبار الفظيعة والمؤلمة عن قصف إسرائيلي لساحة أحد المستشفيات في غزة، ما أدى إلى استشهاد أكثر 500 شخص دفعة واحدة، وهم مواطنون أبرياء، لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يحدث.
هذا المشهد الدموي المرعب، والمبكي، والمستنكَر بأشدّ العبارات، هو جزء من المسلسل المتواصل منذ ما قبل 7 تشرين الأوّل، بل هو حلقة من القصّة الطويلة في الصراع العربي الإسرائيلي المزمن. ولا حل لهذا الصراع إلاّ من خلال اتفاق سلمي يعطي الفلسطينيين حق الأرض مقابل السلام، وفق مندرجات القمة العربية التي عقدت في بيروت (2002). وغير ذلك، لن تنفع كل المواجهات وأعمال القتل والفظاعة التي تُرتكب يومياً، في إحداث أي تقدّم نحو سلام عادل، يعيد الأمن والرفاهية إلى شعوب المنطقة.
لقد أصبحت القضية الفلسطينية، برميل بارود يهدّد بحرب عالميّة، ومنذ العام 1948، تعرض الشعب الفلسطيني للتشرد والمعاناة، ومن رحم المسألة الفلسطينية اندلعت أعمال عنف، في الأردن ولبنان، وانقسم الفلسطينيون أنفسهم بين مؤيد لفتح ومؤيد لحماس، كما انقسمت السلطة إلى ضفّة غربـية تحت سيطرة

فتح، وغزّة تحت سيطرة حماس. وتجزّأت المحاور، ودخلت دول على الخط لاستغلال هذا الطرف أو ذاك، بينما الشعب الفلسطينيّ المسكين يدفع الثمن تلو الثمن، وتتعمّق مأساته يوماً بعد يوم.
إن العالم ليس عاجزاً، لو أراد، عن إحلال السلام العادل والدائم، والدبلوماسية الدولية يمكنها أن تحدث خرقاً في الجدار الصلب للأزمة، لكنّ هناك أفرقاء تميّزهم العدائية، والأيديولوجيات العقيمة، والرغبة في الدمار وإلغاء الآخر. وهذا هو المرض السرطانيّ الذي لا علاج له. فكلّ هذه الحروب هي عبث ولا تؤدي إلى شيء، وهذا ما أثبته التاريخ، فإرادة الحياة هي التي تغلب، ولو عرف الناس قيمة هذه الإرادة، لما تقاتلوا، ولكانت الدنيا بألف خير، يسودها العدل والوئام والانتعاش الاقتصادي. ونحن نسأل: ماذا ينقص بلداننا لتسير في مواكب التقدّم، كما فعلت دول صغيرة في أوروبا؟
الفرق أنّ تلك الدول تعلّمت من الحربين العالميّتين الأولى والثانية، وتفهّمت الدروس جيداً، وهذا ما ينبغي أن يكون نهجاً للعالم كلّه.
إن القلب يتقطّع على الأبرياء الذين يسقطون بغير ذنب… والقصف الوحشيّ على المستشفى في غزّة، هو صفحة سوداء أخرى من صفحات عصرنا الكئيب، فمتى ننجو بأنفسنا من وحشيّة العداء والانتقام، وثقافة الموت، ونعود إلى نهج الحضارة الحقيقيّة؟ هذا هو السؤال.
ج.د