شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

عادت التحليلات عن الأوضاع المستجدّة في المنطقة، لتطرح تساؤلات حول إمكانية وجود مخطط لتقسيم دول بعينها، كما أسئلة عن الصمت المريب لبعض الدول الفاعلة تجاه ما يحدث في قطاع غزة المحاصر بالنار والبارود.
ولم يعد سرّاً أنّ الكثير من الخفايا لم يكشف عنها، وقد تكون هناك خطة ممنهجة على غرار “سايكس ييكو” ضالعة بها دول غربية وشرقيّة. والذي كُشف عنه أنّ إسرائيل ستقسم قطاع غزة إلى قسمين، شمالي وجنوبي، ويفصل بينهما وادي غزة. وبعد حصار مخيم جباليا، المعقل الرئيسي لحركة حماس، والشجاعية، لا يبقى الكثير من المساحة في المنطقة الشمالية للقطاع، التي يقدِر خبراء عسكريون أن سقوطها سيكون في غضون أسبوعين. وما توجُّه الآلة الحربية الإسرائيلية إلى الجنوب، سوى انعكاس لنتيجة الحرب في الشمال. وقد دخل لواء “كفير”، المتخصص بحرب الأنفاق، لأول مرة يوم الاثنين في الحرب، واكتشف اللواء المذكور أكثر من ثلاثين فتحة نفق جرى تدميرها. ويخوض مقاتلو حماس معركة حياة أو موت ضد القوات الإسرائيلية التي تقضم الأراضي ساعة بعد ساعة. والسؤال: لماذا تأجّل دخول لواء “كفير” حتى الاثنين إلى ساحة المعركة؟
وتجيب المصادر العسكـريـة أنّ هناك ضرورة إسرائيلية قصوى الآن لتدمير الأنفاق، بعدما استطاع الجيش الإسرائيلي تحديد الخرائط، خصوصاً إثر السيطرة على مقر الأمن العام في جباليا، ومصادرة وثائق مهمة، وخِطط حربية وضعتها حماس. أما عن إغراق الأنفاق بمياه البحر، فيبدو أن ذلك مؤجل، حتى إشعار آخر، خوفاً من قتل المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
في ضوء كل هذه المعطيات، يشير تقرير شبه مؤكد، إلى أن ثلث مدينة غزة فقط، لا يزال تحت سيطرة حماس. وتقسيم القطاع، سيتبعه تحديد الجهة التي ستمسك بزمامه، وكأنّ المنطق الإسرائيلي يعتبر أن حماس فقدت السيطرة على الشمال، وتسعى إسرائيل لتسليم قوات دولية منطقة فصل بين القسمين.
أسوأ ما في الأمر، أن وحدة الساحات أثبتت عدم جدواها في الحرب، لأن الأطراف الكبيرة تتفرج، وتترك القتال لمنظمات رديفة، في لبنان واليمن والعراق، وبالطبع في قطاع غزة. وهذا الأمر لا ينتبه إليه المنتقدون للمواقف العربية، وكأن العرب الذين يتعرضون للانتقاد، أي مصر والأردن والسعودية والإمارات، هم الذين يريدون إلقاء إسرائيل في البحر، وهم الذين أنشأوا الفيالق التي تحمل أسماء يُفهم منها أنها في مقدّمة القتال، وطليعة “محو إسرائيل من الوجود.”
لا أحد يتكهن بما يمكن أن تصير إليه الأمور في غزة. وإذا نجح التقسيم هناك، فستكون تلك سابقة خطيرة، قد تفتح شهية الدول على “سايكس بيكو” جديدة. وبعض الأماكن مهيأة جداً لمثل هذا التقسيم، بحكم تعدد الإثنيات والثقافات والاتجاهات السياسية المتناقضة. ولات ساعة مندم، أو القول: ليتنا لم نفعل هذا وذاك. والندم بعد فوات الأوان، يشبه من يطلب النجدة بعد تجرّعه السمّ بملء إرادته.
ج. د.