شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

لو كانت صيحات الاستهجان التي وجِّهت إلى رئيس الوزراء الفيدرالي أنتوني ألبانيزي خلال حضوره النهائي لبطولة أستراليا المفتوحة للتنس في ملبورن، قبل أيام، قد وجِّهت إلى زعيم من العالم الثالث، لكانت السماء أرعدت وأبرقت، لكنّ صيحات الاستهجان تلك وُضعت في إطار التقاليد الرياضية الأسترالية. وألبانيزي نفسه اعتبر أنّ الاستقبال الفاتر له، مساء الأحد، هو من التقاليد الأسترالية، حيث أنّ إطلاق صيحات الاستهجان على السياسيين في الأحداث الرياضية أمر مألوف. ومثْل ألبانيزي فعل وزير الخزانة جيم تشالمرز، ورئيس حكومة نيو ساوث ويلو العمالي أيضاً، كريس مينس.
وقال ألبانيزي لمحطّة “فوكس نيوز”:”إنه جزء من التقاليد في الرياضة الأسترالية، أليس كذلك؟”
وطلب وزير الخزانة جيم تشالمرز من وسائل الإعلام عدم المبالغة في الأمر. وقال تشالمرز في كانبرا يوم الاثنين: “أعتقد أن حدوث ذلك هو تقليد أسترالي قديم في الأحداث الرياضية، ولا أعتقد أننا يجب أن نقرأ الكثير في هذا الأمر”.
وقال رئيس حكومة نيو ساوث ويلز كريس مينس: “لقد شاركتُ في العديد من الأحداث الرياضية على مر السنين ولا أعتقد أنني سمعت من قبْل برئيس وزراء أو سياسيّ يُشاد به”.

ويَعتقد مراقبون أنّ العاصفة هذه لا تنفصل عن العاصفة السياسية، ليس فقط بسبب التغييرات التي أدخلتها الحكومة العمالية على الحزمة الضريبية للمرحلة الثالثة – التي أعلن عنها ألبانيزي الأسبوع الماضي، لتقديم المزيد من الدعم للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط ، بل أيضاً بسبب تكاليف المعيشة المرتفعة، وزيادات أسعار الفائدة، وتضخم القروض على المنازل، ولجوء كثير من الأُسر الأسترالية إلى عصر النفقات من أجل البقاء على قيد الحياة.
وهذه المقاربة ليست بعيدة عن الواقع. لكنّ محللين آخرين يقولون إن الأمر ينفصل تماماً عن المسار السياسي، فالمجتمع الأسترالي اعتاد على صيحات الاستهجان ضّد السياسيين، بغض النظر عن أدائهم أو الأوضاع القائمة في البلاد.
وإذا أردنا أن نحصي صيحات الاستهجان ضد سياسيين في أستراليا، فهي كثيرة، فقد تعرض رئيس الوزراء الأحراري السابق سكوت موريسون لصيحات الاستهجان في العديد من الأحداث الرياضية، بما في ذلك بطولة أستراليا المفتوحة في عام 2019، بالإضافة إلى حفل تأبين الدولة في آذار 2022 لتكريم لاعب الكريكيت الأسترالي السابق الراحل شين وارن. وقال موريسون في ذلك الوقت إن إطلاق صيحات الاستهجان كان بمثابة “طقوس تقليدية” للأستراليين.
وتلقى توني أبوت استقبالًا فاترًا في نهائي الراغبي لعام 2014 بين جنوب سيدني وبولدوغز.
كما أُطلقت صيحات الاستهجان على مالكولم تيرنبول أثناء نهائي الراغبي في العام التالي بين بريزبن برونكو ونورث كوينزلاند كاوبويز.
وواجه كيفن راد الصيحات في افتتاح موسم الراغبي بين بريزبن برونكو ونورث كوينزلاند كاوبويز في كوينزلاند.
وليس عندنا وثائق تثبت أن رؤساء وزراء فيدراليّين من الأجيال الماضية قد تعرّضوا لمثل هذه المعاملة في الملاعب.
والسؤال: هل تعبّر هذه المواقف من الجمهور، عن المجتمع العريض خارج أسوار الملاعب الرياضية؟
ربّما نعم إذا كنا نريد إن نربط كل شيء بالسياسة، وربما لا إذا كنا نريد أن نعزو أي تصرف إلى الاستهتار بالسياسيين، فقط لأنّهم سياسيون، ويحاولون “غزو الملاعب”. وفي كل الأحوال، هذه هي الديمقراطية الأسترالية، والجانب الإيجابي منها أنها تسمح للناس بالإفصاح عن آرائهم، ولو كانت قاسية، تجاه ممثليهم – الموظَّفين لدى الشعب، لا الموكَّلين بأمر من الله، والقيّمين على الأجساد والأرواح.