شارك مع أصدقائك

عماد شبلاق

أستراليا اليوم

بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com 
                       
 
هناك حديث شريف (ولا أدري مدى صحته أو توثيقه) يقول – “إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه “وصلّى الله على الحبيب المصطفى. كان ذلك في زمن أو وقت من الأوقات (ربما أكثر من ألف وأربعمائة سنة من الآن) وحديثنا اليوم هو عن أستراليا والهجرة إليها. فالحديث أعلاه يركز على انتقال المرء مع أو دون عائلته من مكانه الطبيعي إلى مكان أخر وحسب نيته أو هدفه أو خططه (برضاه أو مجبراً) فهناك شعوب فقدت هويتها الوطنية أو أوطانها بالأحرى نتيجة الحروب والغزوات والدمار والاحتلال (الأرمن والأكراد وفلسطين …  وغيرهم) وكان لابد لأهلها للبحث عن مكان آخر لاستمرارية العيش بكرامة وأمان يليق بخليفة الله على الأرض إذ لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى (هذا إذا عرف معناها الحقيقي!). 
قبل العام 1788 م كان السكان الأصليون فيما سُمِّيَ بأستراليا لاحقاً هم من الأبروجينيون وربما كانوا خليطاً من الأفارقة والهنود وغيرهم ثم أتى المستكشف أو المستعمر الإنجليزي ليسيطر على تلك الجزيرة ويقتل سكانها ويرفع علمه (وبالقوة) كما كان يفعل في جميع مستعمراته وبعد ذلك توالت الهجرات من قبل بريطانيا (من إنجلترا وأيرلندا واسكتلندا ومن ويلز) ولاحقاً فتح باب الهجرة للأوروبيين البيض للانتقال للعالم الجديد للعمل والعيش والتملك وأخيرا فتح الباب للجميع (بغرض أو بِنِيّةٍ ” لدنيا يصيبها ” حسب الحديث أعلاه.
لاشك بأن الجميع قد لاحظ مؤخراً الأعداد الكبيرة التي قدمت لأستراليا من شبه القارة الهندية (الهند وباكستان وبنجلاديش وسيرلانكا وغيرهم ) وربما كان هناك مثلهم من الصين أو كوريا أو الفلبين ( يصعب التمييز بينهم في بعض الأحيان) وبالرغم من أن أستراليا ( سيدني وملبورن مثلاً ) من أغلى الأماكن للعيش والعمل في العالم  إلا أنَّ الكثير من هؤلاء المهاجرين  يبذلون الجهد والمال الكبيرين  للقدوم برغبة أو بنية ( الإقامة والدراسة والعمل والتجنس والتجارة والزواج والترفيه والدعارة والمخدرات والمافيات وكل متاح وحتى الوصول الى البرلمان )  ليضيف ذلك المهاجر  هوية أخرى جديدة لهويته الأصلية فقد شاءت الظروف أن ينضم إلى قائمة الاستراليون الجدد . 
المهاجر الحقيقي (والذي فقد أرضه أو عرضه أو دينه أو كرامته) لا يدري تماما من هو الأسترالي والذي حضر لأرضه، فهل هو الأبروجيني (صاحب الأرض الأصلي أو التقليدي) والذي غالباً ما يشاهده في الصور والمناسبات (بجانب الأوبرا هاوس) ولا يختلط به ولا يعرف لغته أو عاداته أم الإنجليزي (المستعمر) والمسيطر على البلد أم اليوناني والإيطالي أصحاب المهن والحرف أم الصينيون والاسيويون والشرق أوسطيين محترفو المطاعم والمقاهي والترفيه أم من؟  

 الحقيقة أنه مجتمع جديد وخليط من عدة حضارات وثقافات يصعب الجمع بينها في كثير من الأحيان وفي رأي الشخصي أن موضوع التعددية الحضاري أو الثقافي هذا قد أصل موضوع العرقية الإثنية في كثير من المدن والمناطق والأحياء (أماكن للصينيين والفيتناميين وأخرى للهنود والآسيويين وغيرها للعرب وهكذا ) والمهاجر الجديد حتما سيحتفظ بجنسيته وهويته الأصلية بالإضافة الى الجنسية الأسترالية المكتسبة و سيتم التعريف عنّا  لاحقاً (كما في الولايات المتحدة الأمريكية مثل: أفريكان أمريكان أو أيرلندي أو إيطالي أمريكي وهكذا ) بأننا الأسترالي الهندي والأسترالي الصيني و الأسترالي الصربي أو الكرواتي بالإضافة إلى الأسترالي ( الليبانيزي – الأكثر شهرة بين العرب )  وقد تبدوا ملامحهم في وجوههم  أو من أغطية رؤوسهم  ( العمامة والحجاب) والله المستعان .