بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
مؤخراً، أرسل أحدهم وعبر منصات التواصل الإجتماعي خبراً أو تعليقاً له علاقة بوفاة الكاتب “طلال سلمان ” والذي ذَكرَ شيئاً ما عن الفلسطينيين في لبنان، وحقيقةً لم أهتم في البداية لاعتقادي بأن الأمر يتعلق بمشاكل الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان والتي يمكن أن تفوق العشرات في عددها وتعدادها، ولكن ما أن رأيت بعض التعليقات على خبر الوفاة والقليل من النقد والكثير من الثناء والترحم، فعندها توقفت لأبحث عن خبايا وحيثيات الموضوع: من هو الرجل وماذا فعل ولماذا؟
السيد طلال سلمان اللبناني الأصل، والذي ولد في (بعقلين) أو بلدة شمسطار قُرْبَ بعلبك، من كبار الكتاب والصحفيين اللبنانيين والعرب وتوازي شهرته أو هو في مصاف عمالقة الصحافة العربية أمثال محمد حسنين هيكل وكامل مروة وغسان تويني وأحمد الجار الله وعبد العزيز المساعيد وتريم عمران وراضي صدوق وتركي السديري وهاشم عبده هاشم وغيرهم، فلقد أسس ورأس تحرير إحدى الصحف الأكثر إثارة في لبنان (1974-2017) وهي جريدة أو صحيفة ” السفير” والتي صنفت هي والرجل في وقتها ومن خلال قرائها ومتابعيها بأنها منبراً وطنياً قومياً و صوت من لا صوت لهم وصوت الضمير العربي القومي حتى عرفت للبعض بأنها صحيفة لبنانية – فلسطينية إذ كان هم الراحل هو القضية المحورية في الشرق الأوسط مثله مثل كثيرين في ذلك الزمان أو الحقبة من النضال (الشريف)!
المقال الذي كتبه الراحل قبل سنوات في جريدة السفير بعنوان ” الفلسطينيون جوهرة الشرق الأوسط) كان له صدى كبير وواسع بين أوساط الفلسطينيين ( في خارج لبنان ) وهو الذي نحن بصدده هنا في هذه الوقفة والتي تساءلت كثيراً عن الرجل وأصله ولماذا وخصوصاً أن ما تَحَدَّثَ به لا يروق للبعض و قد تم التعتيم عليه بشكل كبير. وبعد استعراض المقال وما فيه من أسماء لامعة في سماء لبنان ومن أصول فلسطينية، وأنا شخصياً لا يهمني كثيرا أن أعرف أن السيد حليم الرومي وابنته أو المرحوم نايف شبلاق الذي تم اغتياله هو وصحيفته (المحرر) من أصول فلسطينية، لجأت الى لبنان الذي فتح لهم صدره قبل أبوابهِ وسَهّلَ لهم العيش الكريم والعمل الشريف خصوصاً وأن بلاد الشام ( سوريا ولبنان وفلسطين والأردن ) تتمتع بنفس العادات والتقاليد والصفات الاجتماعية والثقافية والفنية وقد تلاشت الحدود بينها والتي عززها المستعمر المحتل لاحقاً.
الفلسطينيون بعد نكبتهم لم يكونوا عالةً على أحدٍ سواء من أشقائهم العرب أو من أصدقائهم أو حتى من أعدائهم (بشهادة الإسرائيليين أنفسهم – جريدة أيدعوت أحرانوت ) والذين اعترفوا بأن الفلسطينيين من أكثر الشعوب العربية تعلماً و إنتاجيةً وإن كان السيد سلمان قد وصفهم بالجوهرة أو الجواهر فالكثير قد وصفهم بالجُنَيْهِ الذهبي ( أينما ترنه يرن – مثل شعبي !) وقد ساهموا في بناء وتشييد البُنى التحتية لكثيرٍ من الدول التي استضافتهم (مشكورة) وعملت يداً بيدٍ مع مواطني تلك الدول لتحقيق أهدافها المنشودة بدون كللٍ أو مللٍ، ولم يكونوا يطمعون في يومٍ من الأيام للحصول على جنسيةِ تلك الدول لولا أن الأخيرة قد استقطبت بعض اللامعين والمؤثرين وقد شاهدنا الكثير منهم وقد تقلدوا مناصب هامة في الامم المتحدة والسلك الوزاري والدبلوماسي.
في الغرب وفي استراليا مثلا رئيس الوزراء الحالي أنتوني ألبانيزي (من أصول إيطالية) وهو يفتخر بأصوله ولا ينكرها في الإعلام ولا في وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك الحال بالنسبة للعائلة الرئاسية الأمريكية الأكثر شهرة في العالم – كيندي ( جون وروبرت وإدوارد ) وهم من أصول ايرلندية ولا يخجلون من البوح بها سراً وعلناً. وغيرهم كثيرٌ من الأسماء المؤثرة في عالم السياسة والصحافة والعلوم والرياضة والموسيقى لا كما هو الحال في الشرق !
مقال السيد سلمان أثار الكثير من الحساسيات لدى الكثير وربما في الوقت الحاضر لكثير من الأطراف المحبة والمعادية، سواءً لشخصهِ أو لصحيفتهِ أو لقضيتهِ وهمِهِ، والتي لم يتجرأ أحد من قبل على مناقشتها على مستوى الشرق الأوسط وأن ينشرها لعامة الناس (وربما كانت من المحظورات في وقتها) والذين اعتبروها جزءاً من الإنصاف للفئة المنكوبة والله المستعان.