شارك مع أصدقائك

بقلم / مينا شاكر

تفاوتت الأراء حول وباء كورونا فيعتقد البعض أنها عقاب من الله للبشرية ويعتقد البعض الآخر أنه فيروس صناعى بشري ويعتقد آخرون أنها طبيعة ضرورية لأجل تقليل عدد البشر والنسبة بينها وبين الموارد فهذا دور الكائنات فى عملية التوازن البيئى ولكن دعونى أناقش معكم هذه الآراء ولكن من وجهة نظر شخصية قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة ولن أتطرق للفلسفة الدينية فقط فى سؤال هل الكورونا عقاب من الله أم لا ولكنى سألجأ إلى المنطق الديني العام بالنسبة للرأي الأول الذي يقول إن كورونا هو عقاب من الله للبشر فهذا يطرح بعض الاستفسارات والأسئلة لدي فأول ما يتسارع لذهني إذا كانت كورونا عقاب فلماذا يصيب الجميع أخياراً كانوا أو أشراراً ؟! ومتى كان الجميع أخياراً أو الجميع أشراراً؟! ألسنا جميعا نصيب ونخطئ ؟! وهناك الكثير من الأشخاص المشهود لهم أنهم صالحين جدا بل وأن منهم كانوا من رجال دين وقتلهم هذا الفايروس وهذه الحالة بدورها تنفى أن كورونا عقاب من الله للبشر الفاسدون فالله من صفاته العدل فإذا أراد الانتقام فلماذا يبتلي الجميع معاً أليس العقاب خُصص للأشرار فقط ولكن فيما أفكر هكذا يقاطعني عقلي بفكرة أخرى مناقضة تماما ولكنها حقيقية وهى أنه فعلاً فى قصص كثيرة فى الكتب المقدسة والأديان مذكور قصص لشعوب قد أبيدت كعقاب من الله وهناك قصة الطوفان التى أباد فيها الله البشرية كلها آنذاك ولكن وحدهم من كانوا فى فلك نوح قد نجوا وسادوم وعامورة أو قوم لوط وصور وصيداء والكثير من النماذج ولكني وجدت هذه القصص تدعم نظريتي ففى كل هذه النماذج كان الله يبيد فيها شعوباً جميعهم أخطأوا ومن لم يخطئ منهم كان ينجيه مثل لوط ومثل نوح وأولاده ولكن فيما أنا أفكر أيضاً وجدت نماذج أخري كانت صالحة ولكنها جُربت بالأمراض مثل قصة أيوب أو بالضيقات مثل قصة يوسف الصِديق وحتى أنبياء كثيرين أيضاً فيبدو أن الأمر لم يقتصر على الأشرار فقط فأيضاً الصالحون قد تأتى عليهم البلايا لأجل غايات أخرى غير العقاب ويبدو أن الأمر لا يقصد به دائما العقاب فقد يكون لأغراض أخرى معينة لا يعلمها إلا الله ولكنها لحِكمة ما ولعلك تحتار عزيزي القارئ وتريد أن تسألنى ما الملخص من كل هذه الأفكار فى النهاية هل كورونا عقاب أم ليست عقاب ؟! ففى هذه الحالة سأقول إذا كانت البلايا هى تأديباً للأشرار وفى أوقات أخرى تأتى للصالحين لأجل غايات أخرى ليست للأنتقام ولكن ربما على الإنسان من حين لآخر أن يدرك ضئالة حجمه حتى لا يغتر بنفسه ويكون متواضعاً ويتذكر دائماً أن الحياه ستنتهى وتفنى يوماً ما فلا يتشبث بالدنيا ولكن مما لا شك فيه أنه بسماح من الله لأجل أغراض كثيرة ومتنوعة فلكل إنسان حالته وهذا يجعل الأسباب مختلفة فكورونا هذه غيرت العالم كله وأثرت على العالم كله وهناك فوائد من هذا الوباء فإن كورونا قربت بعض العلاقات وكشفت زيف علاقات أخرى على مستوى الأشخاص وحتى على مستوى الدول وأيضا كشفت زيف اقتصاديات دول عظمى ومتقدمة وكشفت كسور العلم والطب فى علاج بعض الأمراض أمام فايرس لا يرى ولكن كورونا أيضا كان لها نواحي إيجابية ومن النواحي الإيجابية أن كورونا أعطت للإنسان هدنة ووقت من الراحة لمن لم يصابوا فمعظم الناس كانت مشاغلهم الدائمة قد أرهقتهم جداً وكانوا يحلمون بفرصة للراحة والحرية فجائت كورونا لتعطيهم قسطاً من الراحة والوقت فى المنزل ليستعيد حيويته ونشاطه مرة أخرى مع أطفاله أو أولاده فكثير من العائلات كانت تتمنى هذه الفرصة لعلها كانت نقطة تحول لأشخاص كثيرة ودول كثيرة فى تعاملاتهم وعلاقاتهم فلا تأكيد على أنه عقاب فقط فيبدو أن للأمر وجهان هذا بالأضافة إلى أن الجميع تأتى عليهم الأمراض فكيف نفرق بين العقاب أو التأديب أو الغايات الأخرى ففى الديانة المسيحية مثلاً هناك أية تقول (كثيرة هى أحزان الصِديقين ومن جميعها ينجيهم الرب) وهذا يدل فى الفكر الديني والفلسفي المسيحي على أن الصِديق أيضاً ليس محصناً من الأتعاب أو البلايا ومن ضمنها قد يكون الوباء صحيح أن الله ينجيه ولكنه يسمح له بالألم من حين لآخر لأجل أسباب أخرى ويقول فى سفر المزامير أيضا ( كثيرة هى نكبات الشرير أما المتوكل على الرب فالرحمة تحيط به ) وهذا يدعم النظرية الأولى التى تقول أن كورونا قد تكون عقاب إلهى فمن يعلم ربما الأمر عقاب فعلاً فهذا كفكر ديني مقبول وأيضا على الجانب الآخر في الفلسفة الإسلامية يقولون دائماً (المؤمن مُصاب) وأيضا يذكر قصة قوم لوط ويذكر قصة نوح كمثال لغضب الله وعقابه وأنا لست رجل دين ولكني أناقش الفكر فى هذا الجانب وبالطبع من يطرح هذا السؤال هو بالتأكيد يقصد الجانب الديني أو الفكر والفلسفة الدينية ولذلك ناقشت هذا السؤال من جانب الفلسفة والفكر الديني ولن أغوص عميقاً فى هذه الفكرة وسأكتفى بالسطحية لأن فى النهاية أنا لست رجل دين ولكنى اناقشها من وجهة نظر شخصية كما أن أمور الله لا يعلمها سوى الله أما عن الجانب العلمي فإنى لا أجد هذا غريباً جداً وهذا ليس أول وباء يحدث فسبقه أوبئة كثيرة وبعضها كان أكثر بطشاً وضراوة من هذا الأخير أنفلوانزا الخنازير والطيور والحمى الشوكية والكوليرا والطاعون والملاريا والكثييير وإنى أجدها فكرة منطقية وصحية لأعادة عملية التوازن البيئى للطبيعة فالكثير من الكائنات قد وجدت ليكون دورها الوحيد هو إعادة التوازن الطبيعى للطبيعة ولا شك أن الفيروسات ضمن قائمة هذه الكائنات وجميع الكائنات الحية يوجد لها ما يحد من أعدادها وكثافتها وكما يتقدم الطب ليجعل للأنسان فرص أكثر للحياه فالفيروسات أيضا تتطور لتجعل فرص أكثر للموت وإنه صراع طويل منذ دهر ولكن تتعدد الأسباب والموت واحد والغلبة ستكون للموت لا محالة فأن الطب يتحايل على قضية الوقت لا أكثر وليس الموت لأن الطب مهما تقدم ربما يؤجل وقت الموت بتوفيق من الله ولكنه لا يستطيع أبداً أن يلغى الموت نفسه فجسم الأنسان له مُدة صلاحية محددة قد تتفاوت من شخص لآخر ولكنها حتمياً لها نهاية ولا هروب من هذه الحقيقة و هذا ما يتفق عليه العلم والدين معاً وإن من المنطقى جداً وجود الموت بل وإنه من الضرورى أيضا لكل الكائنات أن تموت ودائما إذا أردنا أن نعرف مدى أهمية الشيئ نتخيل ماذا لو لم يكن هذا الشيئ موجوداً وأقصد أن أتأمل فى سؤال ماذا إذا لم يكن هناك موت ؟! ماذا إن لم تكن أجيال العصور القديمة قد ماتت ؟! ماذا إذا كان جسم الأنسان خالداً ؟! إذا تأملنا سنجد أنه إذا لم يموت الإنسان من الأمراض والحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية والحوادث لكان قتل نفسه بنفسه فالأرض فى النهاية لن تتسع للجميع فأما سيقتل الإنسان نفسه لأجل الآخرين أو سيقتل الآخرين لأجل نفسه وفى الحالتين سيفرض الموت نفسه ويكون سيد الموقف لذلك أقول إن لم يكن الموت موجوداً بالفعل لكان صنعه الإنسان لأجل استمرار الحياه ومن حكمة الله أنه وضع نظاما للتوازن ومثال بسيط ليشرح ذلك
يُحكى أن مدينة أرادت التخلص من جميع المفترسات التى تلتهم مواشيهم الثمينة فقررت الحكومة فى هذه المدينة إعطاء جائزة مالية لكل من يقتل حيواناً مفترساً وفى وقت قياسى قضى الصيادون على كل حيوان مُفترس فى هذه المدينة فأصبحت جميع الحيوانات العاشبة دون مُفترس فأخذت تتكاثر وتتكاثر وتتكاثر حتى كثرت أعدادها جداااا حتى أكلت كل العشب فى المراعي وأبتدأت تتصارع فيما بينها على الموارد الغذائية الشحيحة الباقية حتى أن بعضهم قتل الآخر فى قتاله على رقعات العشب المتبقية وحين نفذت جميع الموارد إبتدأت تموت القطعان جوعاً وبأعداد أكثر بكثير من تلك التى كانت تأكلها المفترسات فكانت الخسائر أكبر وهذا المثل دائما يجعلني أستوعب ما هى فكرة التوازن البيئي والنسبية بين الأعداد وبين الموارد المتاحة ولكنى لا أقصد أن أقول أن هذا هو السبب الحقيقي فقط ولكنى أريد أن أشير إلى فكرة أخرى وهى أن الإنسان هو من يجلب هذه االمتاعب بتقدمه فالإنسان نجح فى تغيير جينات وراثية لبعض الكائنات وبتقدمه عبث فى الطبيعة فجلب لنفسه المتاعب فهو يحب تجربة كل شيئ دون النظر للعواقب فإذا كانت كورونا غضب إلهى فالإنسان هو المتسبب فى هذا الغضب وإذا كان عن طريق خفاشا كما يزعمون فالإنسان هو المتسبب فى هذا أيضاً وإذا كان مصنعاً فى معمل لغرض سياسى كما قال البعض فالإنسان من صنعه ومن المؤسف أن خطأ إنسان واحد يضيع ضحيته مئات الآلاف من البشر ولكن فى النهاية هذا بسماح من الله لأن الله يقدر أن يمنع هذا ولكنه سمح به لحكمة منه لا ندركها الآن ولكنى أرى أننا يجب أن نعمل ما نستطيع عمله لكى نساهم فى الحد من انتشار هذا الفايروس بأن نطبق بقدر استطاعتنا ما تفرضه علينا وزارات الصحة وإعلانات الوقاية الخاصة بها بقدر الإمكان وعلى سبيل المثال لو كنت مسؤلاً فى وزارة النقل لجعلت هناك مخالفات على أصحاب سيارات الأجرة أو المينى باص الذين يجعلون عرباتهم مزدحمة جداً ويحملون سياراتهم اكثر جداً من عدد الكراسى فيجعلوها متكدسة بحيث يكون التلامس ونقل الأوبئة فى ذروته فهم عامل كبير من عوامل انتشار الفايروس لأن ليس عليهم ضوابط سوى ارتداء الكمامة فقط ثانياً ياليت الدولة توفر الرعاية والمسحة بثمن يقدر على تحمله المواطن فأذا كان ثمن اليوم الواحد فى الرعاية عشرات الألافات فى بعض المستشفيات وحتى مجرد عمل المسحة يكلف مبلغاً قد لا يتحمله البعض فهذا يجعل الرعاية والشفاء لفئة الأغنياء ورجال الأعمال فقط أصبحنا فى زمن إذا ذهب فيه المريض للدكتور ليشكو فقط من ضرساً مثقوب سيصرف مئات الجنيهات وإذا ذهب لأى غرض مهما كان صغيراً سيكلفه هذا على الأقل مئات الجنيهات فيجيب أن تتعاون الدول التى ثمن الطب والعلاج فيها كبيرين مع الفئة الفقيرة من الشعب فأننا لا نتمرد على أن الجاتوه ثمنه كبير بل نريد فقط أن يكون الطب لخدمة الجميع بنفس الكفاءة وفى متناول الجميع ثمنه ألا يكفي على الفقير آلام فقره ؟! ربما يقدر بعض البشر الإقتصاد فى ملبسه أو فى طعامه بقدر ما يملكه من مال ولكن ليخبرنى أحدكم كيف يقتصد الإنسان فى علاجه أو فى تكاليف آشعة أو تحاليل وكشوفات مرضه المزمن حتى أن حتى الأستشارة الأن لها مقابل مادى والطب أصبح تجارة فى أحيان كثيرة إلا بعض النماذج القليلة وأنا أرى أن هذا سبب تدهور صحة فئة ضخمة من الشعب بشكل عام والصحة تؤثر على الإنتاجية وعلى الدول أن تعي هذا الشأن وتقوم بدعم هذه الخدمات بشكل أفضل لتكون فى متناول الجميع لان فئة كبيرة من الناس أصبحوا يفضلون المرض عن الذهاب للأطباء ولكن هناك من الشرفاء الذين لا تزال لديهم الإنسانية والرحمة من الأطباء الذين يعاملون ربهم وضمائرهم ويسخرون بعضا من اوقاتهم لمساعدة الفقراء ليكثر الله من أمثالهم وليزيح عنا هذه البلية عن قريب وليحفظك عزيزى القارئ سالماً من كل سوء