شارك مع أصدقائك

بقلم رمانى منير

يُعرّف العقل الباطن حسب عالم النفس الفرنسي بيير جانيت بأنّه الجُزء الذي يُخزّن المَعلومات التي تُشكّل عبئاً ثقيلاً على العقل الواعي؛ فوَظيفة العقل الباطن هي جمع المعلومات وتخزينها ليُعيدها إلى العقل الواعي عند حاجته إليها، وليَست وظيفته مُعالجة المَعلومات الواردة إليه وتصحيحها، فهذه الوظيفة تتعلّق بالعقلِ الواعي عند استرجاعه للمعلومات، إذاَ العقل الباطن لا يستطيع أن يُميّزَ بين الخير والشر أو بين الشيء الإيجابي والسلبي وإنّما هو حافظٌ لهذه الأمور ليُصبح مَركزاً للانفعالات والمشاعِر الواردة عنها.
💓قوانين العقل الباطن
يَتنشّط عملُ العقل الباطن أثناء النوم؛ فإذا حلمَ الشخص حلماً مُعيّناً يُشير إلى خطورة أو رسالة تحذير حول موضوع معين فهذا يدلّ على تحذير العقل الباطن له، وذلك لأن العقل الباطن يُدرك تفاصيل حياة الفرد. لمعرفة طريقة عمل العقل الباطن وطريقة استخدامه لا بُدّ من مَعرفة قوانينه واتِّباعها؛
فللعقل الباطن ثمانية قوانين يجب على كلّ إنسان يريد تحقيق ذاته أن تكون له مَعرفة كافية بها؛ حيث توصّل العلماء إلى هذه القوانين وطبّقها بعض الناس في حياتهم العلميّة والعمليّة وهى :
قانون التفكير المتساوي :
يَعني هذا القانون أنّ الأشياء التي يُفكّر بها الإنسان تجعله يرى أموراً تُشبهها بالضبط، فلو كان الإنسان يُفكّر بأمور تحقّق له السعادة سيجد أخرى شبيهة بها تَجعله سعيداً.
قانون الجذب:
يَنصّ قانون الجذب على أنّ الإنسان كالمغناطيس؛ حيث يجذب إليه الأشخاص والأحداث المُتناسبة مع طريقة تفكيره، وذلك عن طريق موجات كهرومغناطيسية غير مرئيّة تكون موجودةً في عقله الباطن
ويظهر فى هذا القانون أنّ كلّ ما يَحدُث للإنسان من همومٍ أو أمور سيّئة ومَصائب تأتي من التفكير بها من نفسه أولاً، لذلك حري به أن يُفكّر بطريقةٍ إيجابيّة كي يُبعد عنه الأحداثَ السلبيّة أو أيّة مَشاكل.
قانون الاستبدال:
حَتّى يُغيّرَ الإنسانُ فكرةً مُعيّنةً عليه أن يَستخدمَ قانون الاستبدال، ويعني ذلك أنّه إذا أراد الإنسانُ اكتسابَ عادة جديدة أو أن يَستبدل فكرةً إيجابيّة بفكرةٍ سلبيّة يجب عليه أن يُكرّرَ هذه المَهارة كثيراً حتى تُصبح عادة لديه، ولتوضيح ذلك إليك المثال الآتي: لو تَحدّثَ شخص إلى شخص آخر وقال له إنّه إنسان سلبي وكَرّر ذلك على مَسمعه فهو بذلك يُرسل له ذبذبات وطاقة سلبيّة تجعله يتصرّف بطريقةٍ سلبيّة وهي الطريقة التي زرعها فيه، لذلك يجب أن يَزرعَ الشخصُ ويُكرّر الأفكار الإيجابية أمام الآخرين وأمام نفسه لتفادي التصرّفات السلبيّة.
قانون الانعكاس
يَعني هذا القانون أنّ العالَم الخارجي يؤثّر بالعالم الداخلي للشخص، فعندما يُوجّه شخص ما كلمة طيّبة إلى شخص آخر فإنّها سوف تُؤثّر في نفسه وتؤدّي إلى ردّة فعل مُماثلة للأسلوب نفسه، فيردّ الشخص الآخر بكلمة وأسلوبٍ طيّب. قانون التركيز
يَعني هذا القانون أنّ ما يُركّزُ عليه الإنسان سوف يحصل عليه، وأنّ أيّ شيءٍ يركز عليه سوف يُؤثّر في حُكمه على الأشياء، وبالتالي سوف ينتقل التأثير على شعوره وأحاسيسه، فإذا ركّز على التعاسة والأمور التي تجعله تعيساً فسوف يصبح تعيساً، وكذلك الأمر بالنسبة للسعادة، فإن ركّز الإنسان على الأمور التي تجعله سعيداً سوف يُصبح سَعيداً، كما يَعني قانون التّركيز أن أيّ شيء موجود في عقل الإنسان الباطن يكون نتيجة سلوكه، فإذا فكّرَ الشّخصُ في أمرٍ مُعيّن عليه متابعته بشكل مستمر حتى يتم غرسه في عقله الباطن لِيُصبح بعد ذلك عادةً وسلوكاً دائماً أو خبرة دائمة، أي إنّ ما يُفكّرُ به الإنسان تفكيراً مُركزاً وكثيفاً سوف يَنغرس في عَقلِه الباطن ويندمج في خبرتِه.
قانون التوقُع
يعني أنّ ما يَتوقّعه الإنسان لنفسه سَيحدث، كما أنّ تَوقُّع الإنسان لما سيحدُث سيُسهم إسهاماً كبيراً في نجاحِه بِشرطِ أن يكون ما يتوقّعه يتعلّق بالنجاح؛ مثلاً كأن يتوقّع الإنسان لنفسه التميز والتفوق، ويُعتبر توقُّع الإنسان جزءاً من أخذه لِلأسباب للوصول إلى الهدف الذي يريده، وقانون التوقع من أقوى القوانين؛ وذلك لأنّ أيّ شيءٍ يتوقّعه الإنسان سوف يؤدّي إلى إرسال ذبذبات تحتوي على طاقةٍ تعود إليه من جديد حاملةً النوع نفسه الذي توقعه، فمثلاً لو ذهب شخصٌ لأداء امتحان وكان يتوقع أنّه لن يعرف الإجابة فسوف يحصل ما تَوقّعه ولن يَعرف الإجابة فعلاً.
قانون التحكم والضبط
يعني هذا القانون أنّه عَلى الإنسان أن يأخذ بالأسباب؛ حيث يُعتبر الأخذ بالأسباب من أهمّ الأمور للوصول إلى غايةٍ وهدف معين، فإذا لم يأخذ الإنسان بالأسباب فإنه لن يصل إلى ما يريد مهما كانت لديه معرفة وطاقة وقدرة عقلية؛ بل عليه أن يضع مَعرفته وقدرته موضع التنفيذ حتى لا تكون سبيلاً إلى تَعاسته بدلاً من سعادته.
قانون التراكم
ينصّ هذا القانون على أنّ أيّ شيءٍ يُفكّر فيه الإنسان أكثر من مرة وبالأسلوب نفسه سوف يَتراكم في عقله الباطن؛ فمَن يظنُّ أنه مريض ويفكّر بالأمر كثيراً وعلى مدى طويل سوف يتراكم هذا التفكير في عقله الباطن وسوف يَمرض فعلاً. قانون العادات
يتبع هذا القانون قانون التراكم؛ حيث انّ ما يَتراكم في العقل الباطن يوماً بعد يوم سوف يتحوّل إلى عادةٍ دائمة، والجدير ذِكره أنّه من السهل على الإنسان أن يكتسب عادةً مُعيّنة ولكنّه من الصعب التخلُّص منها، إلّا إذا استخدم قوانين العقل الباطن للتخلّص منها بنفس أسلوب اكتسابها.
قانون الاسترخاء
إنّ عمل العقل الباطن لا يكون إلا في فترة الهدوء والاستِرخاء، وخير مثال على ذلك أنّه في حياة الفرد اليومية وعندما يكون في عجلة من أمره ويريد أن يتذكر شيئاً مُعيّناً أو يحصل على شيء مُعيّن فإنّه لن يَستطيع أن يتذكّر بسبب سرعة التفكير أو الاضطراب الذي يحدث، فعليه أن يهدأ كي يَتذكّر أو يعثر على ما يريد. إذاً العقل الباطن هو المرجع لكلّ ما يحدث حول الإنسان من أحداث، وبتلقينه وتدريبه على الأفكار والأمور الجيّدة سوف تتغيّر حياة الأفراد، وتزداد ثقتهم بأنفسهم، وتزداد إنجازاتهم وتزدهر في جميع جوانب الحياة، فيجب على الفرد أن يتجنّب التفكير بالأمور السيّئة والسلبية، ويُفكّر دوماً بالإيجابيات والأمور التي سوف تُسعده.

نصائح للدخول إلى العقل الباطن : توجد العديد من الطرق أو النصائح للوصول إلى العقل الباطن أهمها:

التأمل:

هو أكثر الطرق بساطةً؛ بحيث يأخذ التأمّل الإنسان إلى أعماق الوعي، ويسمح له بالدخول إلى حالةٍ قريبة من الحلم، ويُصبح عمل أنماط الدماغ البشرى أبطأ ومنظّماً أكثر، وتبدأ الأصوات العالية والضجيج بالابتعاد، وتبدأ الأفكار العشوائيّة بالخروج، والواقع أنّ هذه ليست أفكاراً عشوائية وإنّما هي أفكار العقل الباطن.
الإنصات إلى الإبداع:

إنّ الإنصات إلى الإبداع كالموسيقى مثلا يُحفز العقل الباطن ويساعده في التعبير عن نفسه بشكل أفضل؛ حيث يفضِّل العقل الباطن الصور والموسيقى والأصوات والتحدث دون كلمات؛ فالكلمات لها علاقة بالعقل الواعي المنطقي وليس العقل الباطن، فبتغذية الإنسان لإبداعه سوف يتمكّن من إحياء نفسه بشكل حقيقي وسيتواصل بشكل أفضل مع عقله الباطن.

اتِّباع الغريزة الإنسانية:

عندما يُحاول شخص اتّخاذ قرار أو مواجهة مُشكله مُعيّنة فإنّ أوّل الحلول التي تتبادر إلى ذهنه هو حديث عقله الباطن، ويكون الإنسان عاجزاً عن شرح شعوره في تلك اللحظة؛ حيث يَعتقد أنّ قراره غير صحيح، والحقيقة أنّ هذا القرار الذي أخذه الشخص سريعاً هو الصحيح وهو على قدرٍ عالٍ من الإدراك.