بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
سوق العمل في استراليا مازال يشكل عقبه كبيره أمام المهاجرين الجدد ، وقد تلوم الحكومة او لا لمحدودية التفكير في إيجاد بدائل واسعه ومتنوعه لأكثر من 150 جنسيه تسكن الوطن
الجديد ، ففئه أصحاب المؤهلات العالية تصدم ومن ثم قد تحبط لعدم احترام شهاداتها وخبراتها الواسعة والعالمية وفي جميع المجلات من طب وهندسه وفنون وأعلام وغيرها
وغالبا ما يعرض على العالم الصيني والمختص بعلوم الفلك أو الذرة وظائف من فئه سائق الاوبر أو قياده الشاحنات لعدم اتقانه اللغة الإنجليزية ونفس الشي يقال لخبير الصواريخ
والمعدات العسكرية الاوكراني او الكرواتي ولنفس الأسباب أما استاذ الجامعة العربي المرموق فلا مكان لشهاداته أو خبراته الأصلية والتي بات يجمعها ولأكثر من نصف قرن!
في المجتمع الأسترالي هناك معاير خاصه بهم وتختلف عن بقيه الدول وقد يكون التركيز والاهتمام على الجدارات والمهارات اليدوية المحلية أكثر من الحصول على الشهادات
والمؤهلات العلمية فاذا ما كانت لجنه الاعتمادات والقبول في التعليم المهني والتدريب مثلا من فئة خريجي (مدرسه الحياه) فعندها لن يقبل المهندس المدني او المعماري لتصميم
المنازل أحاديه الوحدة (هاوس أو ستاند ألون) أو غيرها ويتم الاستعاضة عنه بنجار مخضرم وقد لا يمتلك الا المستوى الثالث من شهادات استراليا ، فأصحاب الاعمال في استراليا
(ومعظمهم من خريجي مدرسه الحياة حيث بنوا أنفسهم بأنفسهم) لا يعيرون للشهادات الجامعية سواء من داخل استراليا أو من خارجها أي اهتمام بعد اقتناعهم بالوصول الى
مناصبهم ومن دون الخوض في أي دراسات أو تخصصات جامعية أو علميه.
المهاجر العربي من ذوي التخصصات العالية والنادرة يفيق اليوم على نفسه وبعد 2-3 سنوات من وصوله ليجد نفسه في متاهة كبيره بعد ان حقق (لا شيء) على الصعيد المهني أو
العملي، فطبيب الاسنان مثلا لم يوفق في معادله شهاداته ولا المهندس قد قبل في نقابة أو معهد المهندسين الأسترالي ولا الصيدلاني ولا خبير المواد الغذائية ولا أستاذ الجامعة ولا…
ولا …! وبات الكل يفكر في كيفية الحصول على دخل إضافي أخر يساند الفتات الذي يحصل عليه من (السنتر لنك) ليعيش بكرامة واحترام هو وعائلته.
وحقيقة الامر ان استراليا لم تستفيد الكثير من الوفود السابقة والتي استوطنت أو ربما سرقت الأرض الابوروجينيه لعدم كفاءة وجداره تلك الفئة من المبعدين والتي وصلت مبكرا،
ولكن يبدوا أنها استوعبت الدرس لاحقا من دول أخرى مثل أمريكا وكندا باستقطابها لعدد كبير من أصحاب المهارات والتخصصات العالية والنادرة لتربيه أولادهم وأحفادهم على الطريقة الأسترالية.
وقد قالها المهاجر العربي وبمراره شديده وألم: رضينا بالغربة ولم ترضنا بنا الغربة فماذا نفعل لإرضائها ؟ فلا مانع لدينا من تغير المسار العلمي والمهني وقد يتحول المرء من مهندس أو
محاسب الى رسام أو فنان أو مساعد بائع في محلات السمانة أو حتى سائق اتوبيس وقد يلجأ الى تغير الاسم من (محمد) الى ( مو ) ومن (عبد الكريم ) الى ( أبود) أو (آب) وتغير
قصه الشعر أو ارتداء الشورت القصير وربما المشي حافي القدمين وعندها لن يبقى الا الاخلاق والمبادئ والتي تشربها منذ الصغر! أمر محير ومحزن في نفس الوقت والكثير من
هؤلاء يعاني منه وحتى كتابه هذه الكلمات فالأكل والشرب ليست هي القضية الكبرى فالكل يعيش بأمان وهدوء بعيدا عن الحروب والمشاكل السياسية والدينية والاضطهاد أي كان نوعه،
ولكن هذه هي ضريبة الغربة والابتعاد وعندها يكون المشوار الحقيقي للمعاناة قد ابتدأ. وفق الله الجميع لما فيه من الخير والمحبة وسنه سعيدة (2022) ان شاء الله وكل عام والجميع بخير والله المستعان.