شارك مع أصدقائك
 
أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
Edshublaq5@gmail.com
كثيراً ما كان يتشدق به رئيس الوزراء الأسترالي السابق «سكوت موريسون «كون أستراليا من أفضل المجتمعات المتجانسة ثقافياً وحضارياً (Multicultural society or community) وربما كان هذا هو حال الكثير من السياسيين السابقين في الحكومة، للتلاعب بمشاعر المهاجرين القدامى والجدد وربما إلى يومنا هذا، وموضوع الهجرة هذا أصبح صناعه متأصله لبقاء ووجود الدولة المغتصبة لأرض السكان الأصليين – الابورجنيين – كما جاء في تاريخ أستراليا منذ العام 1788 ومن قبل المستكشف والمستعمر البريطاني. 
وكما بدأت مدينه «سيدني» في استقبال المجرمين والمنفيين من السجون البريطانية (وكما جاءت في الأحداث التاريخية المنشورة والموثقة – هاني الترك / صحيفه التلغراف –  2022) في ذلك التاريخ، نجدها اليوم تعود وبشكل ملحوظ في تنامي مسرح الجريمة الممنهج والمنظم بين الجاليات الأثنية والعرقية ذات التعددية الثقافية والحضارية.
فإن كان هناك خلاف عقائدي/ديني أو حضاري أو حتى سياسي بين الانجليز والايرلنديين في أوطانهم (الام) فتجد أن مسرح تصفية الحسابات هو «سيدني» أو ما جاورها.
وإذا ما كان الخلاف على زعامة «المافيا» بين نفر من أهل صقلية أو ربما بعض عائلات إيطاليا، فالمكان المناسب لتصفيه الخلافات هو «سيدني» أو ما جاورها،  ولك أن تتخيل استمرارية  الخلافات بين الاستراليين الصرب والكروات والبوسنيين وعدم نسيان مآسي الماضي للحروب والتهجير ونفس الشيء يقال للقبائل الأفريقية المتناحرة (و ربما هذه المرة على بئر ماء أو بترول) وكذلك الاستراليين من نيبال وكشمير ومسلمي الهند وبالطبع لن ننسى خلافات الاستراليين من أصول أسيوية (الصين وفيتنام وكمبوديا وغيرهم) وسواء كان الخلاف على قطعة أرض في المنفى أو قطعة حشيش أو سلاح في المقهى، فالنتيجة واحدة وهي التصفية المستمرة للحسابات.. وعاده ما تكون  في مدينه «سيدني» أو ما جاورها. 
أما الشرق أوسطيون  الاسترال  فعجبي! ففي هذه المدينة الوادعة، الأمر مازال حائرا … فلمن الزعامة اليوم … (في مشاكل الثأر لبعض العائلات) وقد تحول المشهد الى مسلسل دموي مخيف أصاب الصغير والكبير من الرجال والنساء (وللأسف ما زال.. فالبعض إما في السجون أو في المقابر والكل يتربص بالكل لمزيد من الضحايا وكثير من المآسي في البيوت!). 
وإن كان الانجليز أو الأيرلنديين القدامى –  أو البريطانيون  بشكل عام  – هم من يتولى  زمام الأمور باعتبارهم من يمثل التاج الملكي في الدولة، إلا أن هناك من يحاول السيطرة (من الأوربيين والآسيويين والأفارقة والشرق أوسطيين) وعلى مبدأ الأقدمية على حصة أكبر في مجريات الأمور بحلوها ومرها، فهناك في مجتمع  تعدد الثقافات هذا من يسيطر على سوق العقارات والأراضي ومنهم من يسيطر على صناعه الترفيه ( سينما – مسرح – نوادي ليلية ونهارية (فوقية وتحتية)، ومنهم من يسيطر على أسواق الجملة والخضار والفواكه واللحوم  ومنهم من يتحكم في الصحافة والإعلام  ومنهم من يهيمن  على صناعه (تقنيه المعلومات – آي تي) ومنهم ومنهم.. حتى بات معروفاً لدى الدولة (مَنْ يسيطر على مَنْ! أو مَنْ يتحكم بمَنْ!) ومؤكد بأن المباحث الفدرالية وأجهزه الأمن على اطلاع تام بكل هذه المجريات نتيجة إفرازات مجتمع التعددية هذا. 
وبالرغم من محاولات الدولة (المستمرة والخلّاقة) لتشجيع نشاطات الاستراليين من أصول مختلفة للعيش بسلام وأمان والاندماج مع بعضهم البعض، إلا أن هذا النسيج المتجانس مازال ضعيفاً أو ربما كان متواضعاً أو وهمياً، وكأن بعض المهن أو الصناعات أصبحت حكراً لدى فئات من ذلك المجتمع، فلك أن تتخيل مثلاً لو تم فتح  محلات «مساج» فلسطينية أو ولبنانية أو عراقية في بانكستاون أو فيرفيلد، لوجدت أن الحرب قد قامت بين الأستراليين (التايلانديين) وبين الأستراليين العرب وربما طالبت تايلاند بقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية أو استدعت السفير العراقي أو اللبناني  في كانبرا لاحتواء الازمة ومنعاً  لتصعيد الخلاف.  
في مجتمع التعددية هذا، لا يعني عدم وجود كفاءات وطاقات متميزة من بعض فئات المهاجرين الذين أتوا الى استراليا وأبدعوا فيها بعد أن ذاقوا الويلات في دولهم الأصلية بعد أن قدمت لهم الدولة كل وسائل الأمن والأمان، ولكن بالتأكيد هم قليلون ومجهوداتهم فردية بحتة وحتى على مستوى التوظيف وفرص العمل بين الجاليات الإثنية (وكنا قد تكلمنا في هذا سابقاً)  فحتما ستجد الكتل العنصرية واضحة في القطاعات وأصحاب القرار يعرفون هذا جيداً ويدغدغون مشاعر المهاجرين مرة أخرى بالتعددية الوهمية بتوظيف أناس  لم يعرفوا للعلم طريقاً (مخرجات التعليم جداً ضعيفة أو معدومة ولكن لغرض التباهي والتوظيف الصوري – وترديد القول – فرص متساوية للجميع (أفريقي – ماليزي -برازيلي – أوكراني – و تمر هندي!) وعندها تنشط البيرو- نفاقية الإعلامية) والله المستعان.