عائدة السيفي – استراليا اليوم :
شخصيتنا لهذا اليوم هي الكاتبة والادبية والشاعرة إبتسام عبد السادة
ابتسام إنسانة متفائلة إلا أن تفاؤلها هذا يقترن بشكل دائم بالمنطق السليم.
امرأة ذكية تحدت الصعاب، طيبة للغاية، مؤمنة تماماً بحسن التصرف، تمتلك روحا” خفيفة، تضفي الابتسامة والفرح على وجوه الجميع، تسعى دائماً لمساعدة الآخرين.
درست الرياضيات والعلوم في معهد إعداد المعلمات وتخرجت 1988، وبعدها عملت في سلك التدريس كمعلمة لمدة خمسة وعشرين عاماً.
درست في كلية ابن الهيثم فرع الرياضيات، ولأسباب قسرية لم تكمل دراستها وترقن قيدها.
إضافة لعملها كمعلمة تعلمت فن صياغة الذهب والمجوهرات لمدة سبع سنوات وذلك لمشاركة زوجها في بناء عش الزوجية السعيد.
كانت أسعد إنسانة على وجه الأرض، كل الذين كانوا من حولها يحسدونها على سعادتها التي منحها الله لها، ومنهم كان يقول لها إعطني يوماً من حياتك وخذي باقي عمري.
مواقف بطولية
هذه المرأة البطلة وقفت مع زوجها وساندته حين خسر أمواله في الأزمة الأقتصادية العالمية سنة 1996 حينما كان يعمل صائغ مجوهرات، وقد كان أحد المتضررين، أبت أن يكون ذلك، فعزمت على أن ترجع البسمة لحياتها التي كان ملئها الدفئ والسعادة.
فتحدت كل الصعاب والعقبات، وباعت ذهب عرسها وكافة هداياها، وإشترت قطعة أرض وبنتها طوبة طوبة من راتبها كمعلمة لكنها توقفت عند السقف، حيث لم يبقَ لديها أموال لأكماله.
ولعزة نفسها أبت أن تمد يدها للآخرين، بالرغم من تقديم المساعدة من هنا وهناك، لكنها أصرت أن تسقفه بجذوع النخيل.
في سنة 1998 انتقلت لتسكن فيه مع عائلتها الصغيرة، بعدها عملت في فن صياغة الذهب، حيث فتحت ورشة عمل صغيرة مع زوجها في بيتهم.
هذا هو عبارة عن بيت مصغر يحتوي على أربعة أركان وسقف ركن لنوم العائلة والركن الآخر للمطبخ وللحمام وملحقاته، والآخر عمل ورشة لصناعة الذهب.
وهذا العمل متوارث من اجدادنا الأوائل هم الصابئة المندائيون، بصياغة المجوهرات الذهبية والفضية من أجل أن تقف العائلة على رجليها ثانية.
وبالفعل.. تحقق ذلك وصارت الحياة تبتسم لهم من جديد، حيث انتقلت العائلة إلى بيت آخر في عام 2006.
ومن الشهر الثالث اصبح للعائلة منزلاً راقياً وسيارة موديل حديث.
فبكفاحها وإصرارها أصبحت الحياة تضحك لهم من جديد، ولكن الحلو لم يكمل والسعادة لن تدوم طويلاً.
أزمة الفراق الصعب
في هذه الفترة ساءت ظروف البلد ومن سيئ الى أسوأ، كانت خائفة عليه لأن القتل بالشوارع ولم تتركه يخرج أبداً، بل منعته من الخروج الكثير من المنزل، لكن القدر غلبها.
ففي 26/7/2006 شحطه سيارته مسرعاً يلوح بيده مع السلامة من بعيد وهي تصرخ إرجع.. إرجع.. لا تخرج.
لكن صوت القدر كان أسرع من صوتها خرج للمجهول ولم يعد حتى الآن، حيث كان القتل على الهوية في الشوارع والدماء مضرجعة على الارصفة بحثت عنه في أرجاء العراق ولم تجد له أثراً.
لم تعثر على جثته، ففقدت أملها هذه المرأة ومستقبلها وأبو بناتها الثلاثة.
ومنذ العام 2006 وبعد إختفائه وحتى الآن تبحث عنه بلا جدوى ولمدة خمسة عشر عاماً.
حيث قالت بقصيدة شعرية وهي تناغيه:
ما اكول وداع
حنانك يا المحب جنة
رحت عنا وتضل يمنة
احبك لا تظن انساك
غيابك حيل عذبنا
عطر ضل منك بثوبي
وفي دافي نهر جنه
ارد اردود بسنيني
ارد والك اتعنة
من يوصل خبر منك
حديثة بعرس تتحنة
احط عشرين وي جدمي
اركض طيف احضنّة
بيتك ما انهجر ضاوي
صوتك باذني الة رنة
بعدها لمسة جفوفك
ترف جفك ابوسنة
الطايح بشده يضل ينخاك
ابو الطيبات يا بابا
تتخطى المنايا بساع تتعنة
عيب عيوني شافت نوم
دهر طر الي فرگنا
26. 7. 2006
وهذه تسمى أبوذية الزهيرات
خي عونه ال وصل دارك وزرها
شتات الروح ما يرهم وزرها
اشلون تحلل الهجره وزرها
غريب معلعل بحبك بلادي
تصب نهران دمعاتي بلاداي
صفت اجناب خلاني. بلا داي
اگول تهون وشيرهم بلا داي
وهذه حقيقة عاشتها شخصيتنا وهي تسرد قصة حياتها المؤلمة، قصة حب وكفاح وعمل دؤوب لا مثيل لها، أمدها أربعة عشر عاماً .
كانت حياتها بسيطة لكنها سعيدة أنها كونت أسرة من خلال عملها كمعلمة، وهو كان يعمل صائغاً للذهب، لكنه بعد الحصار والظروف الاقتصادية العالمية أنذاك خسر كل أمواله فيها.
تحملت قسوة الحياة وأعبائها من أجل حبيبها، ساندته ووقفت بجانبه وبدءا ثانيةً من الصفر واتى اليوم المشؤوم الذي خرج ولم يعد بتاريخ 26/7/2006.
هذا اليوم كان أسوأ يوم بالنسبة للعائلة، فقدت أعز ما لديها في الحياة، هو زوجها ورفيق دربها وأبو بناتها.
من أصعب الأيام قسوة وصعوبة قد مرَّ بها عموم العراقيين.
مرحلة اليأس المرير
فُقد زوجها في أيام الطائفية، إسودت الدنيا بعينيها، وتركت حتى الأكل، هجرت كل شيء وحاولت الانتحار أكثر من مرة.
إلى أن صرخت بوجهها ابنتها الصغرى: أمي هل يطيعك قلبك أن تتركيني وأخواتي كما فعل أبي بنا؟
من ستقف بجانبي وأنا عروسة؟ يا أمي (وتقولها بترجي) لا تتركينني، أرجوك.
وكانت تصرخ وتبكي بهذه الكلمات التي قد صعقت الأم بها وأرجعتها الى رشدها، وفاقت من صدمتها حين قالتها ببراءة كان حافزاً لها بالعودة للواقع المرير ووفاءً له قررت أن تكون الأم والأب لهن منذ تلك اللحظة.
القيام وعبور الأزمة
نفضت غبار الحزن وجمعت ذكريات حبها المكسور وجعلته جسراً كي تتكئ عليه لتكمل مسيرتها الحياتية وهو موجود في قلبها وفي عقلها ولم ولن تنساه
أبداً.
لم تستلم جثمانه قط، بحثت عنه كثيراً ولم تجده وحتى الآن لم تفقد الأمل، لكنها بنفس الوقت لم تعرف عنه شيئاً.
ويبقى الأمل يضيئ أحلامها وإحساسها مع بناتها.
الكبيرة زينة في السويد متزوجه ولديها ثلاث بنات
برونا الثانية تدرس حالياً في كلية الهندسة
وماري ستتخرج قريباً من كلية الطب، فرع بيطرة.
إنهن كوالدتهن، التي لجأت إلى العلم والمعرفة لتكون قدوة لبناتها.
الهجرة إلى تركيا
هاجرت من العراق عام 2014 متوجهة إلى تركيا، ومكثت بها ثلاث سنوات وبتاريخ 2017 غادرت إلى واشنطن.
حصلت على شهادة الدكتوراه الفخرية من الأميرة نوال الصباح بسنة 2020.
حصلت على شهادة الماجستير في التنمية البشرية عام 2021 مركز دراسات في مصر.
عملت في سلك التعليم مدة خمسة وعشرين عاماً في تدريس مادة الرياضيات.
عملت صائغة ذهب مدة سبع سنوات في بغداد أيضاً عملت متطوعة مساعدة مدرس في أحدى الثانويات في واشنطن لمساعدة التلاميذ في مادة الرياضيات وعملت في منظمة انسانية غير ربحية.
ماهي اهدافك؟
أولاً، أحصل على شهادة البكالوريوس من أمريكا.
ثانياً، أنشر كتاب في اللغة الانكليزية.
ماهي إنجازاتك المهنية؟
تم نشر أول كتاب لي عن الذكاء العاطفي وأثره في مجالات الحياة.
وفي الايام القادمة ستكون لي منشورات أخرى وانا اعمل جاهدة على نيل لقب الأديبة وبإذن الله سأحصل عليه.
ماهي طموحاتك المستقبلية؟
اطمح الحصول على براءة اختراع في مجال دراستي ونجاح مشروعي الذي أعمل عليه حالياً.
كلمة أخيرة، ولمن توجهينها؟
أقدم شكري إلى الإعلامية الرائعة عائدة السيفي لأتاحة الفرصة لي بهذا اللقاء الشيق.
وبالنهاية نشكر ضيفتنا الكاتبة والشاعرة ابتسام عبد السادة ونتمنى لها الصحة والسلامة وتحقيق أمنياتها إنشاء الله وشكراً.
عائده السيفي / سيدني