شارك مع أصدقائك

 

هاني الترك – OAM استراليا اليوم :

ربحت إمرأة إنسانية المعتقد والمسلك يبلغ عمرها 30 عاماً جائزة اليانصيب الكبرى والتي تبلغ قيمتها 20 مليون دولار فقررت توزيعها على الفقراء عملاً بالمبدأ المسيحي الإنساني: جميل هو العطاء للمحتاجين والمعوزين.
والواقع انها لم تشتر الورقة الرابحة.. ولكن إشترتها لها إمرأة كبيرة في السن تعرفها منذ ان كانت طفلة.. ففي كل عيد ميلاد تقوم المرأة المسنة بشراء الشوكولاتة للمرأة الأخرى وورقة اليانصيب.. وكانت الورقة الرابحة.
وكان اول شيء فعلته المرأة المجهولة انها أعطت المرأة العجوز مليون دولار كهدية.. ووزعت المبلغ الباقي للفقراء والمؤسسات الخيرية التي تعطي للمحتاجين.
لم تترك عملها إذ قالت انها ستواصل العمل.. ولن يغير هذا الربح أسلوب حياتها.. لانها ليست في حاجة الى الثراء وتريد في ان تستمر في اتباع طريقة بسيطة في الحياة.
أول شيء فعلته حينما ربحت الجائزة انها صلّت وشكرت الله على عطائه لانها سوف تستطيع ان تسهم في تخفيف المعاناة عن بعض المحتاجين بتوزيع المال عليهم.
قد يظن البعض ان هذه المرأة مجنونة لانها وزعت 20 مليون دولاراً ولكنها في الواقع أعقل منا جميعاً.. ونادراً ما يستطيع شخص ان يقوم بهذا العمل الانساني مثلها.
ففي عالم اليوم القائم على المادة والجشع والأنانية وحب الذات.. تعتبر هذه الانسانة مثالية في سلوكها وتصرفها وإيمانها.. فكل من يشتري ورقة اليانصيب يحلم بأن يشتري سيارة جديدة ومنزلاً جديداً ويقوم برحلة سياحية للعالم.. وكل ما تشتهيه نفسه بما لا يستطيع شراؤه بدون أموال طائلة..
ولكن هذه المرأة النموذجية حينما ربحت اليانصيب لم تفكر في هذه الأشياء جميعها.. وفكرت في إسعاد غيرها من الفقراء والمحتاجين.. فهي تستمد سعادتها من سعادة الآخرين وتمارس التعاليم المسيحية الأصيلة التي قامت على أساسها الكنيسة المسيحية الأولى.. بإعطاء كل شخص حسب الحاجة والمشاركة الجماعية.. هذه المرأة لا يهمها ماديات الدنيا الفانية.. ولكنها راضية بما قسم الله لها من نصيب في هذه الحياة.. بالعمل والجهد ومساعدة الآخرين وعملاً بالمثل العظيم: القناعة كنز لا يفنى.
ان تلك المرأة المجهولة شكرت المرأة العجوز وأعطتها مليون دولار.. لأنها إشترت لها الورقة الرابحة.. وقالت انها تعترف بجميلها لأنها مكّنتها من مساعدة المحتاجين.. ان المال لا يجلب السعادة والسعادة لا تُشترى بالمال.. والذين يتمتعون بالثروات يعرفون هذه الحقيقة.. فإن عمل الخير ومساعدة الآخرين ومحبة الناس هي الرصيد الحقيقي للإنسان.. فقد أدركت تلك المراة المجهولة ان غيرها أقل حظاً منها وفي حاجة أكثر منها الى المال فقررت العطاء.. مع انها لم تكن تملك المال.. وقليل من الناس يفعلون ذلك.
ان هذه المرأة المجهولة العظيمة قد وزعت ثروتها على الفقراء.. وأصبحت لا تملك غير إحتياجاتها العادية كأي فرد وإحتفظت بعملها المتعب.. فمن الصعب تصور مثال الإنسانية أعظم من هذا العمل الإنساني.. فرغم الظلام الذي يخيم على هذا العالم المعاصر.. هناك شعاع نور يطل علينا من وسط الظلام الدامس.. ويدل على ان الدنيا لا زالت بخير.
وأنا أقرأ عن هذه المرأة تذكرت أبيات قصيدة تقول:
قد يعشق المرء من لا مال في يده
ويكره القلب من في كفه الذهب
ما قيمة الناس إلا في مبادئهم

لا المجد يبقى ولا الألقاب والرتب