شارك مع أصدقائك

 

اعتدنا منذ الصغر أن نرى ونلمس ونعيش الخلط بين السياسة والدين، حتى بدأت العقول تستنير، وهمَّ أولوا الألباب بالمطالبة بالفصل بين السياسة والدين حتى يمكن لكل فئات المجتمع أن تعيش بأمان، وبالفعل بدأت بعض الدول العربية بفصل الدين عن سياسة الدولة وبدأ فيها التطور الفعلي، وأخذت في النهوض على كافة الصُعُد.

ولكن ما ينقصنا الآن، هو فصل الإعلام عن الدين، فما زال معظم الإعلام العربي في الغالب يكتبون وينشرون بطريقة يغلب عليها الطابع الديني ويؤثر الدين في كتاباتهم، وذلك لأن منهم أصحاب الدين، أو أن آخرين من ديانات أخرى تحب أن تجاملهم على حساب الحق الإعلامي، وبالتالي يفقدون المصداقية الإعلامية ونرجع مرة أخرى بربط الدين بالإعلام.

ولعل أجلّ ما أراه في معظم الصحف العربية أنه عندما يُقتل عربي يكتبون عنه (استشهاد) ولكن إن قام عربي بقتل غير العربي يكتبون عنه (مقتل أو مصرع).

حتى أن كلمة استشهاد فقدت معناها، وثار كل مّنْ يُقتل ولو بالمصادفة نتيجة تواجده في مكان حادث، صار شهيداً، حتى لو لم يكن ديّن على الإطلاق، ولكن لأنه عربي، فهو شهيد.

وإن مات غير عربي من أجل ما يؤمن، فلا يُقال عنه شهيد، وأنا لا أدعو أن يُقال عنه شهيد، بل أدعو أن تكون هناك مصداقية في النشر، إن مات الشخص من أجل ما يؤمن به أياً كانت ديانته أو سياسته أو وطنه، فيقال عنه شهيد، وإن كان قد مات بالمصادفة، أياً كانت ديانته أو وطنه، فلا يُقال عنه شهيد.

هذه النقطة الأولى من مقالي، ولكن النقطة الأهم هي، إذا قامت دولة عربية بالاعتداء على دولة غير عربية، فلا ترى أي صداً أو استنكار، وإن ردت الدولة غير العربية على الاعتداء الذي وجهته لها الدولة العربية، تجد الإعلام العربي كله قام وانتفض وكتب وشارك الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتجد مناداة للأمم المتحدة منظمات حقوق الإنسان، وتقوم الدنيا ولا تقعد.

أهذه هو العدل الإعلامي؟ أهذه هي المصداقية في النشر.

أحلم يوماً أن أرى أن الإعلام العربي تم فصله عن السياسة الدينية.