أستراليا اليوم
بقلم رئيس التحرير \ سام نان
اتصل بي هذا الأسبوع قارئ مهتم بشؤون الإنسان والإنسانية وتطور المجتمع إلى الأرقى.
وفي حديثة قال أن الناس في أستراليا يحتاجون إلى الإفاقة من غيبوبة الروتين اليومي للحياة الذي دفعهم إلى ماكينات البوكر فيخسرون أموالهم وأنفسهم أيضاً.
فاستوقفني الأمر، وتساءلت في نفسي، كيف سننبه الناس ونعظهم وهم في غيبوبة القمار؟
فوجدت ان أولئك ليسوا مذنبين، بل مجني عليهم، إن أولئك الناس معذبون في دوامة الحياة، فدعاهم اليأس من الحياة إلى الهروب من مواجهة ظروفهم، فوجدوا أنفسهم أمام ماكينة القمار التي قد تبعث في نفوسهم التحدي للسعي للمكسب المادي والفرح عند تحقيق المكسب، ولكن للأسف، في أغلب الأحيان يدفعهم برنامج الماكينة إلى الخسارة التي قد تؤدي بهم للسقوط في هوة اليأس الذي قد يؤدي بهم إلى الانتحار.
لن نحاكي الحكومة لكي تلغي القمار، ولن نطلب من السنتر لينك قطع المعونات عن أولئك…
ولكنني أحاكي أولئك الذين هم جالسون أمام ماكينة القمار، أقصد الأسرى أمام سجن القمار، بل أقصد مسلوبي الإرادة أمام طريق الهروب من مواجهة الواقع..
يا أصدقائي.. أعلم أنكم معذبون، مقهورون ومظلومون.. لكن تعالوا بنا نتحاجج.
هل سألتم أنفسكم لماذا صالات القمار غير مكشوفة وليس بها نوافذ؟
نعم.. حتي لا يشعر المقامر بالوقت الذي يمر به دون أن يدري، فيلعب ويلعب لساعات طويلة دون أن يشعر بالوقت، وبعدما يخسر كل شيء، يذهب مهموماً محطماً.
هل سألت نفسك، لماذا أن في نوادي القمار هناك موسيقى صاخبة مع إضاءات ملونة وفلاشات لا تكف عن الوميض؟
حتى تكون موضع جاذبية لمن يذهب إلى هناك، وحتى تكون ذكراها محل تشوق عندما تكف عن القمار لأيام.
اعلم يا صديقي، أن نادي القمار هو الرابح مهما خسر، وأنك أنت الخاسر مهما كسبت!
أعلم جيداً أنني إذا تكلمت مع أي مقامر، سيقول لي أنه يكره ماكينة القمار ويريد أن يكفّ عن اللعب والمقامرة، بشرط أن يسترد ما خسره خلال سنوات اللعب على ماكينة القمار.
فما هو الحلّ إذاً.. هل نعيد الزمن إلى الوراء؟ لا يمكن،
هل نطلب من الحكومة أن تعيد لكل واحد أمواله التي خسرها في نادي القمار؟ مستحيل.
ولكن الحلّ يا صديقي هو أن ترى لنفسك نقطة رجوع، رجوع عن اللعب، رجوع عن البحث عن كل ما فقدته في القمار بل رجوع إلى نفسك التي خسرتها.
فماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟
انسى يا صديقي كل ما فات، وابدأ من جديد وتأكد أنك ستجد نفسك التائهة عندما تأخذ القرار المصيري في أن تكون شخصاً يستحق الحياة.
فاهرب من نادي القمار وابدأ من جديد ولا تعد، لئلا يكون لك أشرّ..
فلا تغمض عينك وانظر حولك..
فهناك نقطة رجوع..