هاني الترك – OAM – استراليا اليوم :
الجالية العربية وأقدمها الجالية اللبنانية لم تؤثر على الثقافة الأسترالية حتى الآن.. إلا في مجال الأطعمة العربية.. أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الثقافة الأسترالية.. فلسنا جالية المؤسسات.. مع الاعتراف أن المدارس العربية لها دور يستحق الإشارة إليه.. إذ نأمل أن تؤثر في المستقبل على الثقافة الأسترالية.
ولكن رغم ذلك فقد برع في الجالية العربية شخصيات هامة لها تأثير على المجتمع الأسترالي.. وليس على الثقافة الأسترالية.. من بينهم نيكولا شحادة وزوجته الدام ماري بشير.. وهما مفخرة الجالية اللبنانية والعربية في أستراليا.. أود هنا سرد تأثيرهما على المجتمع:
سير شحادة هاجر جده من لبنان إلى استراليا عام 1910.. ووالده لم يهاجر إلى استراليا من لبنان في ذلك الوقت معه بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى.. حتى العشرينات من القرن الماضي.
ولد في كوجي.. ونشأ في استراليا.. إذ كان قد شغل منصب رئيس فريق الراغبي ليغ الوطني.. وهو مؤسس كأس الراغبي ليغ للعالم.. وتوجه بعد ذلك إلى قطاع المصالح.. ثم تحول إلى معترك السياسة حيث شغل منصب رئيس بلدية سيدني عام 1973.. وهو الذي ألقى كلمة أستراليا وتحية الملكة اليزابيث أثناء افتتاح الأوبرا هاوس للملكة اليزابيث.. وتقلد عدة مناصب منها رئيس مؤسسة إس بي إس وفي عام 1976 منح لقب السير شحادة.. وتوفي منذ ثلاث سنوات فقط.
أما زوجته الدام ماري فقد هاجر والداها إلى استراليا في القرن التاسع عشر.. وكان والدها ميشال بشير خريج الجامعة الأميركية كلية الطب.. وتزوجت من السير شحادة عام 1957 وتعتبر مع زوجها السير نيكولاس أكثر زوجين شهرة في أستراليا.
فقد درست الطب وأسست أول عيادة طبية خاصة بها.. وتابعت بعد ذلك دراستها في الطب النفسي.. إذ رأت أن ذلك أفضل للمرضى.. وأصبحت بروفسورة تدرس الطب النفسي في جامعة سيدني.. وتتعاطف مع الأبورجينيين.. وتعتز بعروبتها وتدافع عن القضية الفلسطينية.. عينت حاكماً عاماً لنيو ساوث ويلز.. وقامت بزيارة لبنان وهي أول حاكم أسترالي يزور لبنان مسقط رأسها.. وكان قد وقع الاختيار عليها عام 2001 حيث حصلت على لقب الأم المثالية.. وشغلت منصب حاكم ولاية نيو ساوث ويلز حتى تقاعدها عام 2014.. وقد منحت أعلى وسام في الدولة لخدماتها طيلة حياتها في مجال الطب النفسي وكحاكم للولاية.. فإن دام ماري هي أكثر الحكام تقديراً ومحبة في تاريخ أستراليا.. وصفها رئيس الحكومة الأسبق مايك بيرد بأنها ملهمة لكل الاستراليين.
ومن ضمن أعمالها أنها كانت تتمتع بعاطفة جياشة نحو باراماتا.. وقد حضرت إلى باراماتا قبل تقاعدها وزرعت شجرة بلوط في كوخ هابلدون الذي بناه جون ماكارثر عام 1824.
وقد اخذت الدام ماري من شجرة البلوط الضخمة التي زرعها مكارثر عام 1817.. وكان يأكل ثمارها الأبورجينيون قبل استيطان الرجل الأبيض في أستراليا.
والدام ماري لها ذكريات خاصة لباراماتا إذ أن أول وظيفة لها في الطب كانت في مستشفى باراماتا.. ومنذ ذلك الوقت وهي تهتم بـ باراماتا المقربة لقلبها.. وقالت ان شجرة البلوط تمثل طول العمر والقوة لهذا زرعتها في كوخ هابلدون.
وزراعة الشجرة كانت آخر مناسبة رسمية لدام ماري لباراماتا عند تقاعدها من منصبها كحاكم للولاية في شهر أيلول سبتمبر عام 2014.
وهي تبلغ من العمر الآن تسعين عاما وهي متقاعدة.. أطال الله في عمرها لخدماتها الجليلة لأستراليا هي وزوجها الراحل نيكولاس شحادة