بقلم الدكتور سام نان
كتب الأسكندر الأكبر في وصيته، أنه عندما يموت، عليهم أن يصنعوا له تابوتاً به فتحتين من الجانبين، ويقومون بإخراج يديه من الفتحتين.
وكان لطلبه هذا حكمة أراد أن يقدمها إلى كل العالم عبر الأزمان، أنه بالرغم من الغنى والثراء الذي كان يعيش فيه، إلا أنه خرج من العالم فارغ اليدين.
وأراد أن يعلم الناس، أنه مهما امتلك الإنسان، ومهما استحوذ على ما له وما ليس له، ومهما قام بخداع الآخرين ليأخذ منهم ما يملكون ويستحوذ عليه لنفسه.
ففي النهاية سوف يخرج الإنسان من العالم فارغ اليدين كما وُلد فيها وهو فارغ اليدين.
نعم.. إن ما تمتلكه اليوم، لن تأخذه معك غداً عندما ترحل من هذا العالم.
عندما أتأمل في هذه العظة الجميلة التي علمنا إياها الأسكندر الأكبر، أتعجب لما أراه من حولنا في هذا العالم الملتوي، الجميع يتسابقون في الاستحواذ، كلٌ يحارب الآخر ويريد أن يأخذ ما له ولو بالقوة ولو وصل الإمر إلى القتل، فهو لا يهتم بحياة غيره، بل المهم هو الاستحواذ على المال أو السلطة أو غيره.
وهذا ما ساد في العالم حتى على مستوى الدول الكبرى، بلاد تحارب بلاد، وتقتل أطفالاً ونساءً وشيوخاً.
والمهم فقط هو الاستحواذ على ممتلكات تلك البلاد أو التسلط على شعوبها أو الحصول على سلطة.
فهل هذا هو شبع الإنسان، التكنيز والاستحواذ والتسلط؟
وفي النهاية أتساءل نفس السؤال: أين هم أولئك الذين حاربوا في الماضي وقتلوا وحرقوا ودمروا، طمعاً في المال أو السلطة؟ إنهم ليسوا بموجودين، ولا حتى عظامهم موجودة، بل تحولوا إلى سراب، وسيرتهم غير محموده في كتب التاريخ.
يا صديقي، ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فدية عن نفسه.
فلتفكر يا صاحب العقل الراجح، هل ما تفعله من حروب ودمار وتحطيم وقتل، نافع لك؟ وهل ستأخذ معك ما تستحوذ عليه؟
كفاك حروب ودمال وتخريب وقتل، فالخير أفضل من الشر، والحكمة أثمن من الذهب الخالص.