شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

مناسب جداً أن تقوم الحكومة الفيدرالية، بمراجعة التصرفات الجائرة من قبَل المحلات التجارية الكبرى، وأن تعيّن لجنة تحقيق في موضوع رفع الأسعار عشوائيّاً، الذي لا يحتاج إلى شهود. فالمواطنون جميعاً باتوا يشعرون بأنّ هناك استغلالاً غير عادل، ولم تعد شعارات “تخفيض الأسعار” صادقة. وقد بلغت الوقاحة إلى حدّ أن بعض السلع يتم تسعيرها أغلى بكثير مما كانت عليه قبل يوم واحد، ثم يجري تخفيضها إلى سعر أعلى مما كان سابقاً. وكأن هناك تسابقاً بين هذه المحلات لجني الأرباح، وتحميل المواطنين عبء هذا الجنون المتمادي في التسعير.
الجميع يعرفون أن ظروفاً معينة، كالحرب في أوكرانيا، والهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وغلاء الوقود، هي عوامل ضاغطة على الأسعار، لكنّ لكل شيء حدوداً، فليس منطقياً ولا مقبولاً أن تجري الأسعار صعوداً كل يوم، وأن يكون الغلاء أكبر بكثير من قدرة الناس على التحمّل. هذا في ضوء ما تعلنه الشركات الكبرى من أرباح هائلة، يبدو منها أنّ فكرة التوفير للمواطنين أصبحت في خبر كان.
يقول رئيس الوزراء الفيدرالي أنتوني ألبانيزي، وغيره من المسؤولين، إن الضغوط تتزايد على أكبر سلسلتين من متاجر السوبر ماركت للقيام بالشيء الصحيح.

ويشير ألبانيزي إلى المظالم التي يتعرض لها المزارعون الأستراليون الذين يُجبَرون على بيع منتجاتهم بأسعار زهيدة، بينما لا يستفيد المستهلكون من هذا الوضع، فعندما تشتري المتاجر الكبرى بأثمان قليلة، يجب أن يشعر المستهلكون بأنهم حصلوا هم أيضاً على فائدة.
ودعا زعيم الحزب الوطني المعارض دايفيد ليتلبراود إلى صلاحيات، للمساعدة في تعزيز المنافسة، “نحن بحاجة إلى أن نجتمع معًا كمشرعين، ونضع السياسة جانبًا ونجلب صلاحيات التجريد التي من شأنها تجريد هذه المتاجر الكبيرة من بعض سلاسلها، وفي الواقع، حتى على المستوى الجغرافي، قد ترى أنه يجب بيع بعض متاجرها إلى المنافسين لزيادة المنافسة.”
ولسنا في وارد ذكر كلّ التصريحات التي صدرت من ساسة أستراليين، من جميع الأحزاب، وكذلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي رفعت الصوت عاليًا للمطالبة بلجم الغلاء. لكن نحن نلفت إلى أنّ أي محاولة للحد من تغوّل المتاجر يجب أن تكون جديّة، ولا مراعاة فيها، وأن تكون نتائج أي تحقيق ملزمة، لا في إطار المماطلة والتسويف. كما يجب تعميم الحالة على مستويات أخرى، فلماذا أسعار المنتجات الحيوية، كالخبز والبنزين، ارتفعت إلى حد مذهل؟ وكيف يكون سعر الوقود في محطة مختلفاً كثيراً عنه في محطة أخرى؟
نحن نعرف أنّ بعض الدول، تنشر تسعيرات رسمية كل أسبوع لهذه المنتجات، منعاً للتلاعب، وجني الأربح غير العادلة. فلماذا لا تلجأ الحكومة الأسترالية إلى فعل الشيء نفسه؟ أم هناك مراعاة للاقتصاد الحرّ، وعدم إزعاج الشركات الضخمة التي تجني أرباحاً طائلة من جيب المواطن العادي؟
ونخشى أن تكون المراجعة التي كُلِّف بها وزير العمل الأسبق غريغ إيمرسون، وأن يكون التحقيق البرلماني الذي يقمو به السيناتور عن حزب الخضر، نيك مكيم، حول أسعار المتاجر الكبرى،عمليتين غير مجديتين، تحكمهما بروتوكولات التجارة الحرّة، فندور في حلقة مفرغة، وتصدر عن التحقيق نتائج غائمة لا تقدّم ولا تؤخر، ويستمر غليان الأسعار، في بلاد يبحث فيها بعض الناس عن بيوت من نتك لكي يسكنوا فيها، بعدما ضاقت بهم السبل.
ج.د.