تحدي القانون الدولي – كلمة رئيس التحرير / سام نان
منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي 2023، يشهد العالم موجة من التحديات التي تواجه السياسات الإسرائيلية، والتي تمثلت في تحالفات سياسية وشعبية متعددة لدعم القضية الفلسطينية والوقوف بجانب لبنان في مواجهة ما يعتبرونه تجاوزات إسرائيلية مستمرة.
ولطالما كان القانون الدولي هو المعيار الأساسي الذي يحكم العلاقات بين الدول وينظم التعاملات الدولية في السلم والحرب.
ومع ذلك، يرى الكثيرون أن إسرائيل تستمر في انتهاك هذا القانون من خلال سياسات الاستيطان والاحتلال وممارساتها في الأراضي الفلسطينية وحالياً في لبنان.
وبالرغم من صدور العديد من القرارات التي تدين هذه السياسات، إلا أن تنفيذها غالباً ما يواجه عقبات سياسية ودبلوماسية تحول دون تطبيقها على أرض الواقع.
الدول العربية والإسلامية، ومعها بعض من السياسيين من المجتمع الدولي في بعض الأحيان، تقف في وجه إسرائيل في تحدٍ لا مثيل له، وكأنه ثأر شخصي لهم.
محاولين تحدي الممارسات الإسرائيلية عبر المنابر الدولية والضغط السياسي.
ولكن ما يميز الوضع الحالي هو أن التحالفات أصبحت أكثر قوة وتأثيراً، مع زيادة الدعم الشعبي في مختلف أنحاء العالم لدعم القضية الفلسطينية، كما أصبح الضغط الدولي يتزايد على إسرائيل للالتزام بالمعايير الدولية واحترام حقوق الإنسان، على الرغم من انتهاكات المنظمتين الإرهابيتين «حماس وحزب الله» للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان حتى في بلادهم.
لقد واجهت كثير من التحديات من بعض العرب، «حتى المقربين منهم» في إعمال العقل والتفكير المنطقي السليم.
بالرغم من أنني أعرف شخصاً مثقفاً مطلعاً، وهو بمثابة مُعلم لي، وهو من أصل فلسطيني، لا أريد أن أذكر اسمه، قال لي يوماً ما: لو كان الفلسطينيون يفهون، لكانوا صنعوا سلاماً مع إسرائيل وتحولوا إلى حال أفضل في كل المجالات.
ولكن الكثيرين يرفضون إعمال العقل والتفكير بالمنطق العقلي السليم، تسليماً منهم بالموروثات القديمة التي لم ولن تنفع منذ أن اخترق التطور العلمي كل العالم، وصار الإنترنت هو الوسيلة «العظمي» للحوار بين الناس لإظهار الحقائق، ورفض الموروثات القديمة غير النافعة، والتي لا تقدم الناس للأمام خطوة واحدة، وإنما تعمل على التخلف والتقهقر.
فالتفكير السليم هو صنع السلام بين إسرائيل وكل الدول العربية والإسلامية.
وقلت الإسلامية لأن هناك دولٌ إسلامية غير عربية تتبنى نفس الفكر المعادي لإسرائيل من أجل نفس السبب وهو الموروثات القديمة التي تحرض الناس على كراهية اليهود، لمجرد أنهم يهود.
الدول الداعمة لفلسطين ولبنان تنادي بأن الحلول لا يمكن أن تكون على حساب الشعوب المظلومة.
وذلك لأنهم يعتبرون أن القيادات الإسلامية في فلسطين ولبنان لو قامت بقصف إسرائيل، فهذا عادي جداً وهو ردة فعل لهم للرد على ما يسمونه «الاعتداءات الإسرائيلية».
ولكن إذا قامت إسرائيل بالردّ ونادت بإبعاد المدنيين عن أماكن القصف، وقاموا بالفعل بقصف المعاقل الإرهابية، يقوم المدنيون بوضع الأطفال والنساء كدروع بشرية لحماية الإرهابيين، وبالتالي يموت الأطفال وتموت النساء ويموت الأبرياء فداء لمن يسمونهم بالـ «مقاومة».
والسؤال: لماذا يقدمون أطفالهم ونساءهم وشيوخهم كدروع بشرية؟
والإجابة ببساطة تتلخص في كلمتين لا ثالث لهما وهي: «غسيل المخ»
إن الإرهابيين أرادوا أن يحافظوا على بقاء أنفسهم، ويعرفون -منذ زمان- أن إسرائيل لن تقصف الأماكن التي بها مدنيين لأن هذا ضد القانون الدولي، فيقومون بعمل غسيل مخ للمدنيين، بأنهم يخبئون أسلحتهم في المدارس والمستشفيات، ولن تقدر إسرائيل على قصفها، وحتى إن استطاعت إسرائيل قصفها، فالأطفال والنساء والكبار السن سيموتون شهداء وسينعمون خالدين في الجنة.
فهل يعلم السياسيون في كل العالم أن الإرهابيين يقومون بعمل غسيل مخ للمدنيين؟
وفي هذه الحالة، هل الخطأ هو في إسرائيل، أم في أولئك الذين يضحون بالأطفال والنساء وكبار السن والشبيبة اعتقاداً أن هذا ربح للجنة؟
فالقضية الفلسطينية، بالنسبة لهؤلاء السياسيين ليست قضية حقوق إنسان وحق الشعوب العربية في تقرير المصير.
وإنما هم يدعمون القضية الفلسطينية وحزب الله في لبنان، لربما هذا يدعم قضاياهم الشخصية، مثلما وقفت ليديا ثورب داعمة للفلسطينيين واللبنانيين لأن هذا فيه دعم لقضيتها كأبورجينية مولودة في منطقة «جريت أرتشرفيلد».
وهي تعتقد أنها يمكنها إعادة أستراليا للسكان الأصليين، حتى تعيد تراث آباها وهو تراث بدائي، ولم تراعِ أن أستراليا التي وُلدت فيها وكبرت وتعلمت في مدارسها، ولو كانت الدولة للسكان الأصليين، ما كان لها صوت عالٍ ورأي ووظيفة كعضوة محترمة.
بالتالي وقفت في وجه ملك انجلترا وعلا صوتها مطالبة بمَ تسميه حقها في استرداد أستراليا وإعادتها للأبورجينيين.
كذلك الأمر بالنسبة الشابة المستخدمة من قِبل بعض الإسلاميين الذين أوهموها أنهم سيقفون بجوارها لتتمكن من إقامة حزب سياسي على أساس ديني إسلامي، وهم في الحقيقة، بعد التمكن من هذا الحزب، سوف يستغنون عنها، لأنه بحسب الإسلام، المرأة لا يتم توليتها على الرجال، لأن الرجال قوامون على النساء.
ولكنهم يستغلونها حالياً، لأنه بحسب تعاليمهم، «الضرورات تبيح المحظورات».
وتأكيداً لهذا الكلام ما ذكره موقع Australia Muslim Times (AMUST) الذي نشر «بالإنجليزية» كلاماً مفاده:
((أصدر عدد من المنظمات الإسلامية الأسترالية وقادة المجتمع وجماعات الدفاع عن فلسطين بيانًا بالإعجاب والدعم لفاطمة بيمان للتحدث ضد الإبادة الجماعية للفلسطينيين وجرائم الحرب الإسرائيلية التي ترتكب بلا هوادة ضد سكان غزة على أساس مستمر.))
وفي بيان صدر يوم الأربعاء 26 يونيو، ذكرت ANIC أن «المجلس الوطني للأئمة الأستراليين (ANIC) وتحالف المسلمين الأستراليين (AAM) والمجتمع المسلم الأسترالي يرحبون باقتراح حزب الخضر في مجلس الشيوخ للاعتراف بدولة فلسطين.
كما ندعم بقوة دعم السيناتور فاطمة بايمان للاقتراح».
بالتالي لأن موقف فاطمة بيمان تجاه فلسطين هو أيضاً موقف قائم على أساسا ديني وليس سياسي على الإطلاق.
أما مهرين فاروقي المولودة عام 1963 وهي عضوة مسلمة في البرلمان الأستراليا، وهي أيضاً أول سيناتور مسلمة في تاريخ أستراليا، وشغلت منصب نائب زعيم حزب الخضر الأسترالي وتشير أفعالها على التعصب.
ومن أبرز أفعالها أنها في فبراير 2018، حاولت فاروقي منع الأصدقاء المسيحيين للمجتمعات الإسرائيلية من استضافة حدث على أساس سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية.
بالتالي نستنتج أن مهرين فاروقي ليست في صف إسرائيل، وذلك لكونهم يهود، وهي كإمرأة مسلمة، عندها في كتابها آية تقول أن أشدهم عداوة للذين آمنوا «اليهود».
بالتالي موقفها واضح في أن دفاعها عن فلسطين ليس على أساس سياسي وإنما على أساس ديني بحت.
أما بالنسبة لوزيرة الشؤون الخارجية بيني وونغ وهي من أصل ماليزي فهي تطالب بأحقية فلسطين في عضوية الأمم المتحدة.
وهذا راجع لأصولها الماليزية، حيث إن هناك ارتباط تاريخي بين ماليزيا وفلسطين يتمحور حول الدعم الماليزي للقضية الفلسطينية على المستويين الشعبي والحكومي، والذي تعزز بشكل كبير منذ استقلال ماليزيا في عام 1957.
وأخيراً الوزير طوني بيرك، ذلك الذي لم يفوِّت فرصة للتقابل مع الجالية العربية الإسلامية وحضور الحفلات الدينية الإسلامية دائماً ويجاملهم أملاً في كسب أصواتهم في الانتخابات.
ولقد سبق وأعلن توني بيرك أنه سيسعى جاهداً لمنح حوالي 1300 فلسطيني تأشيرة إنسانية، وهو لا يعلم إن كانوا سيصبحون مسالمين في العيش في أستراليا، أم أنهم يخططون لتنفيذ ما عجزت عنه حماس وحزب الله، أو يخطط كل رجل مسلم للزواج من امرأة واحدة قانونياً وثلاثة نساء أخريات عند المأذون ويعتبرهن بحسب القانون صديقات «Girl Friends» وينجبون أطفالاً كثيرين، والحكومة الأسترالية تنفق على هؤلاء الأطفال، وهو مخطط لزيادة عدد المسلمين في أستراليا، وبعد سنوات تصبح أستراليا ذات أغلبية مسلمة.
يدعم وزير العمل والعلاقات العمالية الأسترالي، توني بيرك، المجتمع المسلم في أستراليا من خلال تصريحات علنية ومبادرات تتعلق بحقوق الإنسان.
حيث يمثل بيرك دائرة انتخابية تضم عدداً كبيراً من المسلمين، وقد أكد على أهمية الاعتراف بالطموحات المشروعة للفلسطينيين، في الوقت الذي أدان فيه خطاب الكراهية والتمييز ضد أي مجموعة، بما في ذلك المسلمين.
ولا أعلم عن أي خطاب كراهية يتحدث؟
فالتوراة، ليس فيه خطاب كراهية لغير اليهود، والإنجيل فيه «أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم» أما في القرآن مكتوب «لتجدن أشدهم عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا»، وكلمة أشركوا يقصدون بها المسيحيين، ومكتوب أيضا في القرآن «ياأيها الذين أمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، ومن يتولاهم منكم فهو منهم» فمن الذي يدعم خطاب الكراهية؟ التوارة والإنجيل؟ أم القرآن؟ وفي المساجد الإسلامية وبين المسلمين، وفي قلب كل مسلم، تجده يؤمن أن الدين عند الله الإسلام ومّن له غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه.
فمّن الذي يبث خطاب الكراهية؟
فتوني بيرك موقفه واضح أنه يدعم المسلمين ليكسب أصواتهم، وليس عن نظرة سياسية أو حكمة عقلانية.
فكل واحد يطلب ما تطلبه أصوله وجذوره، وليس للعقل والمنطق دور في هذا الأمر.
وينطبق هذا الأمر أيضًا على الدعم المقدم للبنان في مواجهة ما اطلقوا عليه الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني.
والعجيب أنهم لم يطلعوا على التحذير الذي أطلقته دولة إسرائيل إلى المدنيين في جنوب لبنان لترك المنطقة لأنهم سيقومون بقصفها، وكالعادة لم يتركوها حماية لحزب الله المصنف إرهابياً على المستوى الدولي.
بالتالي تم القصف ومات مدنيون، وهو ما يستغله المغرضون لنشر أكاذيب عن إسرائيل أنه مجرم حرب.
في نهاية كلامي أقول أن تحدي القانون الدولي ورفض المنطق العقلي ليسا من الحكمة على الإطلاق، فاصنعوا سلاماً مع إسرائيل، لتجدوا كل الخير منهم.
الإسرائيليون ليسوا مرضاً ولا طاعونا، بل هم بشر، حكماء، عادلون، يعرفون كيف يميزون بين الخير والشر. إنهم ليسوا وحوشاً، بل هم أناس عقلاء وسياسيون محنكون.
وفي النهاية، تظل هذه القضايا محورًا أساسيًا في السياسة الدولية، تؤثر على العلاقات بين الدول وتشكل تحديًا كبيرًا أمام المجتمع الدولي لتحقيق سلام عادل ودائم.
وختام الكلام: طوبى لصانعي السلام.