شخصيات بلا حدود عطاء لا محدود في شخصيات من بلادي
الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ بهرام الكبير من مواليد محافظة العمارة/1881 توفيٌ في سنة /1964 اجتمعت به صفات القيادة الدينية والقيادة الادارية وهذا سر نجاحهُ في قيادة الطائفة
كلمة حق تقال في رجل يستحق الأحتفاء بسفر تأريخه الإبداعي الذي سطر في بناء مجتمع جبار وعظيم بالمحبة والتقوى شخصية محترمة متجذره بعمق تأريخي أصيل كان فعلا” قيادي الريادة ملتزم بتحمله المسؤولية لأنه علم من أعلامها إيمانه الكبير في رب الأكوان والسموات ووجوديته رسخ حبه هذا في قلوب وعقول أبناء الغرس العظيم متواضع وبسيط وله بالخشوع والمهابة عمق كبير نزيه يتمتع بالشجاعة ذكي وفيٌ لأهله وناسه وأصدقائه نقي مخلص في تعامله مع الآخرين همته وعزيمته لاتلين قويٌ حمل هموم الطائفة بدون كلل أو ملل من أجل بقائها وإستمرارها وكان بمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه .
الحديث عن هذا العنوان يحتاج الى شرح تفصيلي عن جانب القيادة الدينية وما تتطلبها وكذلك الحال للقيادة المدنية ( الادارية ) وكلاهما اجتمعت بشخصية الرئيس الديني لطائفة الصابئة في العراق وايران الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ بهرام الكبير الذي كان له الشرف العظيم في تحمّل مسؤولية الطائفة الدينية والادارية لقرون عديدة
لقد حافظ على وجودها والدفاع عنها في كل الظروف الصعبة التي مرت بها .
والحديث لأحد أولاده بشكل مختصر جداً لتوضيح ما يتعلق بهذا الموضوع .
الصابئة وحسب شريعتهم الدينية لا يؤمنون بالإدارة المدنية ( الحكم ) وذلك من يتولى مسؤولية الحكم لابد ان يستعمل القوة ومنها السجن والتعذيب و القتل للمحافظة على ديمومة الحكم وهذا مخالف لمبادئ الديانة المندائية ، وبالتالي لم تشير المصادر الدينية والتأريخية بان الصابئة حكموا وقادوا مجتمعات بسبب قلة عددهم ومبادئهم الدينية .
خلال العصر الحديث وانطلاقا من فترة الحكم العثماني للعراق وخاصة القسم الجنوبي من العراق بما فيها المنطقة العربية في الاهواز ، كانوا الصابئة منتشرين في مناطق الاهوار والقرى والنواحي على ضفاف الانهار وقليل منهم كانوا يسكنون في تجمعات المدن .
في تلك الفترة كانت العشيرة والقبيلة هي التي تحكم المجتمعات ورجال الدين بمختلف دياناتهم كان لهم الدور الاساسي في متابعة شؤون الافراد التابعين لهم ، اما الادارة المدنية فدورها يأتي ثانوياً وللقضايا الكبيرة والمهمة في المجتمعات .
بما يتعلق بشؤون طائفة الصابئة ، كانوا رجال الدين (رؤوساء الطائفة ) المتوزعين في مناطق تواجد المندائيين هم من يتولون متابعة شؤونهم الادارية والدينية وهم يمثلون الحلقة الوسطى ما بين ابناء الصابئة والجهات الرسمية للدولة اثناء الحكم العثماني ومن ثم الحكم الوطني واخيرا الحكم الجمهوري .
وبالتالي برزت قيادات دينية ومدنية في تلك الفترة ومعظمها تنتسب الى عائلة المندوية وخاصة في اواخر فترة الحكم العثماني (نهاية القرن الثامن عشر ) وبداية القرن التاسع عشر فظهرت قيادة الشيخ دخيل الشيخ عيدان
في تلك الفترة وبعد ما درس الشيخ دخيل العلوم والثقافة الدينية على تميز منذُ طفولته بدرجة كبيرة من الذكاء والفطنة والقدرة الواسعة على تعلم واستيعاب اللغة المندائية ودراسة الكتب والشروح الدينية والتاريخية ، كما تعلم اللغة العربية ذاتياً بدون ان يدخل ( الملا) او المدرسة واستمر بالدراسة والبحث وفهم الطقوس والشعائر الدينية ، واستنسخ الكتب الدينية ( بيت الكنزي ) وحفظ عن ظهر قلب الكتاب المقدس ( الكنزا ربا ) وبعض الكتب الاخرى ، وقد اصبح مؤهلاً لنيل درجة الترميذا في عام 1904 وكان عمره 23 عام .
اضاف الى هذه المزايا والمؤهلات الدينية ، حيث كان يتمتع بالأيمان والتواضع والخشوع والمهابة والنزاهة والتقوى والوفاء والنقاء والاخلاص والشجاعة والتضحية والهمة والعزم وحمل هموم وتطلعات الطائفة دون وهن او ملل من اجل بقائها واستمرارها وكان بمستوى المسؤولية
وبالتالي هذه الصفات والمزايا في شخصيته وثقافته الدينية رشحتهُ الطائفة ليكون رئيساً للطائفة في عمره المبكر ، وصدر به امراً من القيادة الانكليزية واستمر بتحمل المسؤولية بخطى واثقة على طريق الخير والصلاح .
في ظل ادارته للطائفة كان يشغل مهامه ( كقاضي وحاكم ومرشد وموعظ ومعلم واب روحي لأبناء جلدته ) .
في ظل ادارته لم تطفو على الساحة المندائية مشكلة او خلاف مهما كانت ، إلا وان اسرع اليها وبغض النظر عن الظروف والمتاعب من اجل حلهِا و قبل ان تترك لها اثار سلبية على الطائفة او على علاقات الافراد وذلك لما يتمتع به من حكمة وذكاء وفكر وقوة الشخصية وبالتالي نادراً من تحصل هذه المشاكل الكبيرة .
نعم قد تحصل بعض الخلافات والنزاعات داخل بيوت وعوائل ابناء الطائفة ، سواءً كانت خلافات ونزاعات شخصية وعائلية او خلافات مادية والحياة لا تخلو من هذه المشاكل ، ولكن سرعان ما تتوجه الانظار من قبل المندائيين او اطراف النزاع الى المرجع الديني وهو يمثل الاب الروحي والقاضي للطائفة الشيخ دخيل وبالتالي تُعرض عليه او حينما يسمع بهذا الخلاف اما يذهب اليهم او يطلب حضورهم في بيته ، وبنفس الوقت قد يطلّب بعض من وجوه الطائفة المقربين لهذا الخلاف للحضور ايضاً، اذا تطلب الامر ويستمع الى اقوال طرفي المشكلة ، وبدون تأخير اذا كانت المشكلة تستوجب الاهتمام والمتابعة ، من اجل ان لا تتوسع وتلقي بظلالها على عوائل ذوي الخلاف .
هنالك ادراك وثقة عالية عند ابناء الطائفة لما يمتلكه الشيخ دخيل من حكمة ومعرفة وثقافة وتجربه في الحياة والمجتمع ، اضافة الى ما يتمتع به من ثقافة دينية تؤهله للنظر للمشكلة ويختار لها الحل والقرار المناسب وفق مبدأ العدالة والشرع المندائي ومصلحة طرفي النزاع ومستقبلهم ، وبالتالي ما يصدر عنه هو القرار الحكيم الصائب لحل الخلاف وتلتزم به الاطراف المختلفة.
وهنالك امثلة كثيرة بصدد الخلافات ، وخيرُ مثال حينما حصل خلاف ونزاع كبير بين بعض أخبار الطائفة في مدينة البصرة اواخر الخمسينيات وكاد هذا الخلاف ان يترك بضلاله على سمعة ومكانة الطائفة بين اتباع الديانات الاخرى
لولا سرعان ما سمع الشيخ دخيل بهذه المشكلة استأجر سيارة أجرة وذهب من الناصرية الى البصرة وجمع المندائيين والقى بهم كلمة وموعظة لحل هذه المشكلة من اجل سمعة ومكانة الطائفة في المجتمع ، وبهذه الوقفة الحكيمة وغيرها من المواقف التي اصبحت مناراً تستنير به الطائفة وتسير على خطاه المتزنة على طريق الخير والصلاح ، وبهذه المناسبة
قال بعض الابيات من شعره :
آنه الي چنت للناس مثلّه
ومن احضر الفتنة اتصير مثلّه
راعي الطيب يرجه الطيب مثلّه
الوفي ها لشاع صيته ابكل برّية
وأخيرا” لايسعنا أن نقول الف رحمة ونور تنزل على روحه الطيبة ومثواه الجنة إنشالله إبونا الروحي الشيخ دخيل الشيخ عيدان الشيخ بهرام رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق وإيران أنذاك
شكرا” لكم متابعيني الأعزاء وترقبونا في عدد قادم من شخصيات من بلادي
عائدة السيفي /سدني