الدكتور القس / جرجس عوض
راعي الكنيسة المعمدانية القاهرة
ما اشبه اليوم بالبارحة فمنذ اكثر من الفي عام واثناء وجود السيد المسيح علي ارضنا حدثت احداث متشابها لزلزال تركيا وسوريا وتلك الاحداث والاخبار وصلت الي مسامع السيد المسيح وقد سجل لنا الوحي علي فم السيد المسيح ودونت في انجيل البشير لوقا اصحاح 13 حيث يذكر ان هناك كارثتان احداهما بشرية والأخرى طبيعية قد حدثتا في السيد المسيح وهما كالاتي:ـ
الكارثة الاولي وهي تصنف بالعمل الارهابي ، لكنها صدرت من الحاكم الروماني رأسا ضد جماعة من سكان الجليل جاءوا متعبدين ومقدمين ذبائحهم في هيكل سليمان كعادة اليهود في الأعياد واذا بجمع من الجنود الرومانيين وهم اتباع بيلاطس الوالي الروماني هؤلاء الجنود قاموا علي الجليليين وذبحوهم مع ذبائحهم فاختلط دمهم بدم ذبائحهم وكان هذا الحادث جلل في الاصداء اليهودية
اما الكارثة الثانية فهي طبيعية وهي انه هناك ثَّمَانِيَةَ عَشَرَ شخص قد جاءوا من بلاد متفرقة ليقدموا طقوس عبادتهم في هيكل سليمان وكانوا يسكنون في برج في سلوام ولكن سقط ٱلْبُرْجُ وَقَتَلَهُمْ جميعا وكان ذلك بالحدث الثاني الجلل في كل إسرائيل . ولكن تلك الكارثتان اثار الجدل وسط جموع الشعب الإسرائيلي قائلين هل هؤلاء القتلى سواء عن طريق بيلاطس او الذين ماتوا تحت ركام البرج كانوا خطاة واشرار اكثر من كل الاحياء الباقين علي قيد الحياة ؟ وعادة ما نفكر مثلهم أن هناك أشخاص صالحين وأشخاص طالحين، ومن السهل أن نعتقد أن الله يسمح بالأشياء الجيدة للصالحين والأشياء السيئة للطالحين
وما كان علي السيد المسيح ان يقوم بتصحيح تلك الافكار
وَقَالَ لَهُمْ: «أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ ٱلْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ ٱلْجَلِيلِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هَذَا؟ ٣كَلَّا! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ. ٤أَوْ أُولَئِكَ ٱلثَّمَانِيَةَ عَشَرَ ٱلَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ ٱلْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ ٥كَلَّا! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ ومن خلال أقواله المباركة استطاع ان يعلن ان هؤلاء الموتي لم يكونوا خطاة اكثر من جميع الناس الذين علي قيد الحياة بل علي الاحياء ان يتعظوا من نهاية الموتي ومن هنا حول السيد المسيح السؤال:من “لماذا حدث هذا؟” إلى: “ماذا يعني هذا الحادث بالنسبة لي؟” وليس لي الحق كانسان في الحكم علي الموتى هل هم اشرار ام ابرار؟ هل ذهبوا الي الجحيم ام النعيم ؟ لا ينبغي ان تعطي لأنفسنا الحق ان تتخذ مكان الخالق وتحكم علي البشر
بل هذا يعني أننا قد نموت في أي وقت، ولذا على ان اضع التوبة علي قائمة اولوياتنا وأوضح لنا ان أولئك الذين ماتوا في كلتا الحالتين لم يعتقدوا أنهم سيموتون يوماً، ولكنهم ماتوا . وقد كان تحذير السيد المسيح: “إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ ،”وهي رساله نبوية وجهها الي شعب إسرائيل. ومن ثم قد تم تحقيقها بشكل مخيف. عندما دمرت أورشليم بالكامل في سنة 70 ميلادية علي يد تيطس الروماني وقتل كل سكانها الذين لم يتوبوا ورفضوا رسالة السيد المسيح .وقد تبادر الي ذهني سؤال ملح ماذا لو كان السيد المسيح علي ارضنا في هذه الأيام لقال لنا ماذا تظنون في الأكثر من عشرون الف الذين ماتوا تحت ركام الزلازل سواء في تركيا او سوريا هل هؤلاء كانوا خطاة اكثر من جميع الناس في كل العالم ، بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون، فبرغم تقدم العلم والتكنولوجيا الا ان سلوكيات الانسان تسير عكس الاتجاه فالمثلية والاباحية تنتشر في ارجاء العالم والتنمر والصراعات البشرية الدينية منها والعنصرية ، وتشوه الخليقة، واختلال المناخ …. الخ تنذر بالخطر .
فالموت كمنجل الحصاد لا يميز بين البشر لا يعرف الابيض من الأسود , ولا يفرق بين الأديان ، ولا يحكمه رضيع او مسن ، ولا يستفضل رجل عن امرأة ، ففي الحصاد المنجل يجمع الكثيرين فكن مستعد قبل ان يأتي زمن الحصاد
ادعوا الي الله العلي العظيم ان يترأف علي شعب سوريا وتركيا في كارثتيهما وان يهب لهم الصبر والسلوان والعزاء ويشفي ويجبر المصابين امين