النسر الأميركي يدعم أسد أورشليم
فشل خطة بيني وونغ وأنتوني ألبانيزي وداعمي حماس
رفض البيت الأبيض قرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب مزعومة في غزة.
وحث بعض المشرعين، ومن بينهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب على فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي بسبب القرار، وقيل إن إسرائيل تعمل مع الإدارة الجديدة على اتخاذ إجراءات عقابية ضد المحكمة.
فأياً كان ما قد تلمح إليه المحكمة الجنائية الدولية، فلا يوجد أي تكافؤ بين إسرائيل وحماس.
سنقف دائما إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات لأمنها.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن الولايات المتحدة لن تنفذ أوامر الاعتقال، ووصفت خطوة المحكمة الجنائية الدولية بأنها «عملية معيبة».
وأضافت: «على النقيض من الطريقة التي تعامل بها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان مع الآخرين، بما في ذلك الرئيس الفنزويلي الخاضع للتحقيق نيكولاس مادورو وشركائه، فشل المدعي العام في منح إسرائيل فرصة حقيقية للمشاركة بشكل بناء والنظر بشكل صحيح في عملياتها الداخلية. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية المدعي العام وتحقيقاته.
تمنع أوامر الاعتقال نتنياهو وغالانت فعليا من دخول الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 124 دولة.
وانتقدت إسرائيل والولايات المتحدة، اللتان ليستا عضوين في المحكمة، قرار اعتقال نتنياهو وغالانت.
وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قد أعلن في مايو الماضي أنه يسعى إلى اعتقال نتنياهو وغالانت، بالإضافة إلى ثلاثة من قادة حماس الذين قُتلوا منذ ذلك الحين.
وقد هاجمت الإدارة الأميركية خان، قائلة إنه فشل في منح إسرائيل الفرصة للتحقيق في هذه الادعاءات.
ومع ذلك، رفضت إدارة بايدن حتى الآن دعوات المشرعين الجمهوريين لفرض عقوبات على المحكمة كما فعل ترامب في ولايته الأولى.
من جهته، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض أن واشنطن «تشعر بقلق شديد إزاء مسارعة المدعي العام في السعي للحصول على أوامر اعتقال والأخطاء العملية المثيرة للقلق التي أدت إلى هذا القرار».
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن «الولايات المتحدة أوضحت أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها سلطة قضائية على هذه المسألة».
مضيفاً: «بالتنسيق مع الشركاء، بما في ذلك إسرائيل، نناقش الخطوات التالية».
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية «كان» أمس الأول الخميس أن إسرائيل أعدت قائمة عقوبات يمكن لإدارة ترامب فرضها على المحكمة.
وقيل إن القائمة تتضمن شخصيات محددة في المحكمة يمكن استهدافها.
في يونيو، أقر مجلس النواب الأميركي مشروع قانون من شأنه إلغاء تأشيرات الدخول الأميركية لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، وتقييد دخول أي من مسؤولي المحكمة الذين يسعون إلى احتجاز أو مقاضاة حلفاء للولايات المتحدة، وفرض قيود مالية عليهم.
وقال بايدن إنه «يعارض بشدة» التشريع، الذي أقر بأغلبية 247 صوتا مقابل 155، من بينهم أستراليا، بما في ذلك بدعم من 42 ديمقراطيا.
ولكن مجلس الشيوخ الأمريكي لم يقر القرار، على الرغم من أن زعيم الأغلبية تشاك شومر، وهو ديمقراطي من نيويورك، وصف الطلب الأولي لإصدار أوامر الاعتقال بأنه مستهجن.
وفي إشارة إلى اتجاه البيت الأبيض المقبل، كتب مستشار الأمن القومي المقرر لترامب، النائب الجمهوري المتشدد مايك والتز من فلوريدا، على موقع إكس «يمكنكم توقع ردّ قوي على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير»، عندما يتولى ترامب منصبه.
وكتب والتز «المحكمة الجنائية الدولية ليس لها مصداقية، وقد دحضت الحكومة الأميركية هذه الادعاءات».
وأضاف أن «إسرائيل دافعت بشكل قانوني عن شعبها وحدودها من الإرهابيين الذين يسعون لإبادتها».
ولكن حتى الآن، لم ترد أي تعليقات من ترامب نفسه أو بقية مرشحيه في مجال السياسة الخارجية: النائبة عن نيويورك إليز ستيفانيك، التي من المقرر أن تكون سفيرة واشنطن المقبلة لدى الأمم المتحدة، والسيناتور عن فلوريدا ماركو روبيو، الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الخارجية.
ومع ذلك، أشار السيناتور الجمهوري توم كوتون من أركنساس، الذي ورد أن ترامب يفكر في تعيينه وزيرا للدفاع، إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تغزو لاهاي بسبب مذكرات التوقيف ضد نتنياهو وغالانت.
«المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة صورية، وكريم خان متعصب مختل عقلياً.
ويل له ولكل من يحاول تنفيذ أوامر الاعتقال الخارجة عن القانون»، كتب كوتون على موقع إكس.
«اسمحوا لي أن أذكرهم جميعاً بأن القانون الأميركي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية معروف باسم قانون غزو لاهاي لسبب وجيه. فكروا في الأمر».
وأشار السيناتور ليندسي غراهام من ولاية كارولينا الجنوبية، وهو من صقور ترامب، إلى مزاعم سوء السلوك الجنسي ضد خان في هجومه على المحكمة الجنائية الدولية.
وكتب غراهام على إكس إن «الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل في سوء سلوك المدعي العام في يوم ما وإصدار مذكرة بناءً على نتاج عمله في اليوم التالي يعد إهانة للعدالة وسيادة القانون».
وأضاف أن «المحكمة عبارة عن نكتة خطيرة. والآن حان الوقت لمجلس الشيوخ الأميركي للتحرك ومعاقبة هذه الهيئة غير المسؤولة».
وانتقد السيناتور جون ثون من داكوتا الجنوبية، الزعيم المنتخب حديثا للجمهوريين في مجلس الشيوخ الأميركي، المحكمة الجنائية الدولية وقال إن أفعالها «الفاضحة وغير القانونية والخطيرة تهدد إسرائيل، ولكن إذا تركت دون رادع فإنها قد تشكل تهديدا للولايات المتحدة في المستقبل».
وحث نظيره الديمقراطي تشومر على طرح مشروع القانون الذي من شأنه فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على مجلس الشيوخ الأميركي.
وقال ثون الذي فاز حزبه بالسيطرة على مجلس الشيوخ في انتخابات الخامس من نوفمبر «إذا اختار عدم التحرك، فإن الأغلبية الجمهورية الجديدة في مجلس الشيوخ العام المقبل ستفعل ذلك».
كما هاجم السيناتور جيم ريش من ولاية أيداهو، الجمهوري البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، خطوة المحكمة الجنائية الدولية ووصفها بأنها «عار تام»، مضيفا أن إسرائيل ليست خاضعة لاختصاص المحكمة.
وكتب ريش على إكس «يجب على الولايات المتحدة أن تمضي قدماً في فرض العقوبات على هذه المنظمة الفاسدة».
كما هاجم نظيره في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب النائب مايكل ماكول من تكساس ما وصفه بـ «حملة الملاحقة التي تشنها المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل والتي تتجاهل بشكل صارخ الحقائق الفعلية لهذا الصراع».
وقال ماكول «إسرائيل، مثل الولايات المتحدة، ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، وقد أظهرت أنها قادرة على التحقيق ومحاسبة مواطنيها عند الضرورة. يجب على مجلس الشيوخ أن يتحرك على الفور لإقرار مشروع القانون وحماية الجنود والمسؤولين الأميركيين، وحلفائنا».
وانضم النائب ريتشي توريس – وهو ديمقراطي مؤيد بشدة لإسرائيل، والذي تضم دائرته في نيويورك الجالية اليهودية الكبيرة في ريفرديل في برونكس – إلى الدعوة إلى فرض عقوبات على «المحكمة الصورية»، مخالفًا بذلك إدارة بايدن.
وكتب: «لم تشن حماس حرباً على إسرائيل فحسب، مما تسبب في أعنف يوم لليهود منذ الهولوكوست، بل إنها أنشأت بعناية ساحة معركة مصممة لتعظيم الخسائر في أرواح المدنيين».
«يجب معاقبة المحكمة الجنائية الدولية ليس لفرض القانون بل لتشويهه».
وانتقد السيناتور جون فيترمان من ولاية بنسلفانيا، وهو ديمقراطي آخر مؤيد لإسرائيل، المحكمة لكنه امتنع عن المطالبة بفرض عقوبات عليها.
اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة.
وأسفر هجوم إسرائيل ردا على ذلك عن مقتل أكثر من 44 ألف شخص، وفقًا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
ولا يمكن التحقق من هذا الرقم بشكل مستقل ولا يميز بين المدنيين والمقاتلين، الذين تقول إسرائيل إنها قتلت منهم ما لا يقل عن 17 ألفًا في غزة، بالإضافة إلى حوالي 1000 داخل إسرائيل أثناء الهجوم.
وتتهم المحكمة الجنائية الدولية نتنياهو وغالانت -الذي أقاله رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر- باستهداف المدنيين واستخدام التجويع كسلاح حرب.
كما أصدرت المحكمة يوم الخميس مذكرة اعتقال بحق القائد العسكري لحركة حماس محمد ضيف، الذي تقول إسرائيل إنه قُتل في غارة إسرائيلية في غزة في يوليو.
وكان خان قد سعى إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق ضيف وقياديي حماس إسماعيل هنية ويحيى السنوار الذين قتلتهم إسرائيل.
أستراليا
والآن يطرح السؤال نفسه: ما هو موقف بيني وونغ وأنتوني ألبانيزي بعد رفض قرار المحكمة الدولية لاعتقال نتنياهو وغلانت؟
حتى الآن، لم يصدر عن بيني وونغ، وزيرة الخارجية الأسترالية، أو أنتوني ألبانيزي، رئيس الوزراء الأسترالي، أي بيان رسمي مباشر بشأن رفض البيت الأبيض لقرار المحكمة الدولية لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غلانت.
ومع ذلك، يمكن تقديم تحليل محتمل لموقفهما بناءً على السياسة الخارجية الأسترالية الحالية.
كانت وزيرة الخارجية بيني وونغ وبالتالي رئيس الوزراء انتوني ألبانيزي متحمسان جداً للفلسطين، مثلهم مثل ابعض أعضاء البرلمان الذين دعموا حماس لكي يقف الفلسطينيون بجوارهم في قضيتهم.
كان موقف أستراليا في السابق أيام رئيس الوزراء سكوت موريسون، كحليف وثيق للولايات المتحدة، تميل إلى دعم مواقف البيت الأبيض في القضايا الدولية الحساسة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط.
والآن، وبما أن مخططات بيني وونغ باءت بالفشل، وصارت هي وألبانيزي في موقف محرج أمام الولايات المتحدة، من المتوقع أن تكون الحكومة الأسترالية حذرة في اتخاذ موقف صريح قد يبدو متعارضًا مع حليفها الرئيسي.
بيني وونغ عادةً ما تؤكد احترام أستراليا للقانون الدولي ودعمها للمحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها.
أما الآن، فستلتزم الصمت وإلا ستتسبب في توتر العلاقات بين أميركا وأستراليا.
قد تقوم تظاهرات لداعمي حماس وفلسطين وجنوب لبنان في استراليا، ولكن كلها ستنتهي بالفشل الذريع.
وقد تقوم تظاهرات عربية في الشرق الأأوسط والعالم.. ولكن مَنْ يسمع صوت النملة؟.
أما بالنسبة لبيني وونغ وأنتوني ألبانيزي، اللذان هما الآن في فترة مؤقتة إلى أن يعود الحق لأصحابة ويتم إعادة انتخاب سكوت موريسون أو بيتر داتون، فسيتجنبان انتقاد إسرائيل أو دعم قرار المحكمة بشكل مباشر، خاصة إذا كان هذا يعرض العلاقات الثنائية للخطر.
وأيضاً كمحاولة للحفاظ على المناصب.
ففي مثل هذه القضايا الحساسة، قد يختار ألبانيزي وونغ النأي بنفسيهما عن الموقف، بدلاً من التدخلات القضائية المثيرة للجدل.
رأي المحرر
منذ أن اتخذ كريم خان قرار إصدار أمر اعتقال للرئيس بنيامين نتنياهو وغلانت.
ذكرنا أن كريم خان ينتمي إلى الديانة الإسلامية. نشأ في عائلة مسلمة من أصول باكستانية، وهو معروف بفخره بجذوره الثقافية والدينية. كما أنه أول مسلم يتولى منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
بالتالي من الطبيعي أن يقف في صف من ينتمون إلى جذوره الإسلامية أي فلسطين.
وبعض أعضاء البرلمان الأسترالي الذين كانوا ينادون بأحقية فلسطين في عضوية الأمم المتحدة رغم عدم توافر أي شرط من شروط العضوية جميعهم الآن في صمت رهيب.
فالحق لا بدّ أن يظهر، والمحكمة الدولية يجب أن تعود لحيادها كما كانت في المضي، ووكريم خان لا مكان له لأنه مسلم متعصب ولا يحكم بحيادية بل أثرت جذوره الإسلامية في قراراته.
أما أسد أورشليم الرئيس بنيامين نتنياهو، فقد أعلن أن أورشليم لن تؤخذ من إسرائيل مرة أخرى كما كان يحدث في الماضي.
فإسرائيل فاض بها الكيل، فليس من حق الاحتلال الفلسطيني أ، يأخذ أي شبر من أرض كنعان، لأ،هم عرب مسلمون أتوا من الجزيرة العربية واحتلوا الأرض بحدّ السيف، واعتبروا الأرض ملكهم وأعلنوا أنها إسلامية، على الرغم من أنها لم تكن كذلك من الأصل، بل هي يهودية وستظل يهودية.
وإن كان العرب يريدون صنع السلام مع إسرائيل فأهلا بهم، ولكن إن ظلوا يعتبرون إسرائيل «أعداء» فهم الذين سيكونون أعداء أنفسهم وسيتحملوا النتائج.