شارك مع أصدقائك

بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com

الهاتف (التلفون) المتحرك، أو الخلوي، أو الهاتف النقال، أو الجوال mobile أو المحمول والمنقول …! وكلها أسماء لجهاز واحد ظهر مؤخرا في عالمنا المعاصر أو الحديث كجهاز تقني متميز للتحدث بين الأشخاص بدون قيود للمكان أو الزمان كما هو الحال مع التلفون أو الهاتف الأرضي (أبو سلك) والذي لا يزال مستخدما حتى وقتنا هذا ولا غنى عنه في بعض الأمور والخاصة بأعمال الشركات والاقتصاد والمعاملات الحكومية والرسمية ما شابه. هذا الجوال أصبح اليوم ( ولكثير منا ) هو الاب الام والابن والزوج والزوجة والمطعم والمشرب ومكان العمل وممارسه الرياضة والطقوس الدينية والسفر والاستمتاع والموسيقى والمذياع والتلفاز وكل شيء تقريبا يمس حياتنا اليومية واصبح لا غنى عنه في يد الصغير والكبير وحقيقه ان الإدمان على ملازمه الجوال أصبحت ظاهره ملفته للنظر ولم يعد الامر مجرد جهاز اتصال كما صمم له في الأصل وظيفيا بل تعدى ليكون مخزن متحرك للصور الثابتة والتفاعلية وقاعده بيانات متنقله ووسائل تواصل اجتماعي وغير اجتماعي وموسوعة هائلة من كل شيء يخطر على البال.
لا يمكن مؤكدا انكار فوائد هذا الجهاز (العجيب) ومدى تطوره السريع وبراعته في تناول الأمور ومعالجتها والاتصال بالعالم الخارجي من حولنا وكيف أنه سهل الاتصال بين أخين أو أم وأبنها أحداهم في استراليا والأخر في الولايات المتحدة (صوت وصوره ) بالرغم من وجود الاف الاميال بينهما وفي المكان والزمان المطلوبين.
مشكله الجوال اليوم أصبح متحكما في صاحبه وليس العكس كما هو المتعارف عليه وأصبحت التقنيات المصاحبة له من الصعوبة الانفكاك عنها وان كنا نعتبر الجهاز كغيره من الأجهزة والأدوات والتي لها حدين ( كالسيف) المفيد والضار منها الا أن الجانب الضار قد تفوق على قرينه وبمراحل كبيره جدا واصبح من الصعب التحكم به وخصوصا لدى فئات معينه من الناس سواء كانوا اشرار او مراهقين أو متطفلين أو أعداء او غيرهم من ضعاف النفوس والذين استغلوا فرص التطبيق المتاح لسرقه بيانات الاخرين والتفرج على محارم البعض والتلصص على ممتلكات المستخدمين واشاعه الفوضى والفساد واصبح الشغل الشاغل لمعظم هؤلاء ثالوث الهم اليومي : السياسة والمال والجنس والامر ليس مقتصرا على بلدا ما أو عرق أو لون فالكل في الاستخدام سواء فقد تتم سرقه بياناتك البنكية وانت في منزلك في سدني من شخص أخر لا تعرفه يقبع في الهند أو السند أو نيكاراجوا أو يتم اقحامك في مغامرات جنسيه وصفقات ممنوعات في أوروبا أو تتهم بمعاداة السامية أو الإبراهيمية أو النازية أو حتى الملوخية وربما يقفل حسابك على الفور في الفيس والبودي بوك.
” الجوال “الذي نملكه اليوم في بيوتنا هو من يراقبنا ( ربما صوت وصوره) وهو من يتحكم في تصرفاتنا وافعالنا فهو من يعطينا الدروس والمواعظ الدينية وهو من يغرينا بالصور الخادشه للحياء ويشجع المراهقين على ارتكاب الفواحش وهو من يثير الفتن السياسية والاجتماعية بين الشعوب بنشر التقارير الكاذبة والمزورة ويعمل على تفريقها وهو من يمزق العلاقات الاسربه ويهدمها فلم يعد الانسان يسمع صوت أخيه أوأمه وأبيه (كما كان مصمما له) واصبح التواصل الاجتماعي ( المزعوم والزائف) مجرد صور وملصقات وأعجابات جامده لا روح فيه ولا طعم لها في معظم مناسبات الافراح والاتراح واصبح الكثير في عزله اجتماعيه متزايدة تنتظر مصيرها المحتوم بأسا وقهرا والله المستعان.