شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

عماد شبلاق

بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com              
 
في يوم السبت الماضي الموافق للتاسع من شهر أيلول (سبتمبر) للعام 2023 أقام المنتدى الثقافي العربي الأسترالي مؤتمره الثاني والمعنون ب (الانفتاح على الذات وعلى الآخر ….) في حرم جامعة غرب سيدني بمنطقة ليفربول والذي استمر ليومين وحضره ما يقارب الـ 150 مشارك من أستراليا وخارجها وقد دعا المنتدى أو المؤتمر ضيف الشرف والمتحدث الرئيسي الدكتور خزعل الماجدي المؤرخ والمفكر العراقي المعروف في علم وتاريخ الحضارات.
من ضمن المحاور التي طرحت في المؤتمر وقدمت بها العديد من الأوراق البحثية حالة المهاجرين العرب في استراليا ومدى تقبلهم للآخرين وهل هي قضية اندماج وانصهار أو ذوبان في المجتمع الأسترالي وهكذا، وكنت قد تقدمت بورقة تتحدث تحديداً عن المهاجر العربي ومدى تقبله للآخر ومن أهم الاستنتاجات التي قدمت في حينها (وبشكل مختصر) ما يلي: 
⦁ المهاجر العربي ينتقي عند وصوله للسكن مع الجاليات من نفس البلد أو القطر والديانة وربما المذهب، فاللبنانيون مثلا (حالة خاصة لكون موضوع الهجرة لديهم متواصل ومنذ العام 1850 والى يومنا هذا – 3 أجيال) وبالذات الجدد منهم يفضلون السكن والتجمع في مناطق بانكس تاون وجرين أيكر و لاكمبا (سابقاً)، أما العراقيون فتجدهم أكثر تجمعاً في مناطق مثل فيرفيلد وليفربول وما حولها وبقية العرب في مناطق مجاورة. 
⦁ الحالة العمرية للمهاجر وهذه من أهم التحديات التي تواجه المهاجر العربي عند وصوله لأستراليا وقد قمت بتصنيف ذلك الى: 
⦁ من عمر 1 سنة الى 15 سنة 
⦁ من عمر 16 سنة الى 25 سنة 
⦁ من عمر 26 سنة الى 40 سنة 
⦁ من عمر 41 سنة الى 60 سنة وأخيراً 
⦁ فوق ال 60 من العمر.
ومؤكداً أن الأعمار الصغيرة (وحسب الدراسات والأبحاث والإحصاءات ) هي التي تقبلت الثقافات الأخرى في مجتمع التعدد الثقافي أو الحضاري لكونها قد انخرطت في سلك التعليم والدراسة في سكن مبكر في المدارس الأسترالية ذات الخليط الحضاري المتغاير ( إنجليز وأوروبيين وهنود وصينيين وأفارقة وعرب وآخرين من أصول متنوعة ) وأما كبار السن فقد وجدوا أنفسهم في أمر صعب ومحير، فلا اللغة هي اللغة ولا الثقافة هي الثقافة ولا حتى العادات ولا التقاليد هي نفسها، ومن الصعب عندها أن يندمج اللبناني أو العراقي مع الصيني أو الفيتنامي في كبراماتا أو بيروود والعكس صحيح، وكلٌّ في فلكٍ يسبحون.  
.0 الحالة الاجتماعية والثقافية للمهاجر (هو أو هي أو هم!) وهنا تم تصنيف المهاجرين العرب الى أنواع منها: 
⦁ فئات ذات تعليم منخفض (تحت الثانوية العامة): مزارعون – صناع وحرفيون وغالبا ما تكون أحوالهم الاجتماعية ضعيفة فهم أتوا أصلاً لطلب الرزق وتجنب البطالة والعيش الكريم 
⦁ فئات ذات تعليم متوسط (ثانوية عامة وبكالوريوس) وهم ربما الأغلبية باعتبار متطلبات الهجرة من كفاءات علمية وعملية ماهرة وغالبا ما يكون الامر سهلاً لهؤلاء فهم قد يلجأون للانخراط في كورسات تعليمية في الجامعات الأسترالية لتقوية فرص دخولهم لسوق العمل الأسترالي والمليء بالمتنافسين من الأصول العرقية الأخرى. 
⦁ فئات ذات تعليم عالي (ماجستير ودكتوراه وما فوق) وعلى الأغلب حضرت هذه النوعية من المهاجرين لأسباب إما سياسية أو قهرية واضطرارية نتيجة الحروب والويلات والضغوط النفسية والاجتماعية وغيرها ولقد تبوأ الكثير منهم مناصب عليا ومرموقة في البلد الأم.
هذه الفئة وبالرغم من تفوقها العلمي والدراسي إلا أنها تواجه العديد من المشكلات في سوق العمل فقد يكون المهاجر مديراً لجامعة في لبنان أو العراق أو سوريا، ولكن العائق الوحيد أنه (هي أو هو) قد تخرج من جامعة في فرنسا أو روسيا أو ألمانيا وبنفس لغة البلد ومطلوب منه أن يعادل شهادته وهو في هذا العمر!  

الموضوع طويل وواسع ومتشعب وربما معقد بعض الشيء وقد نتطرق إليه مرةً أخرى ولكن ما شد انتباهي في أوراق المؤتمر ونقاشات المشاركين عن وجود حالة مشابهة للسكان الأصليين في أستراليا ( الابوروجنيين ومضيق تورس ) وأسميتها بالأبوروجنيين ” العرب” فهم قد عزلوا أنفسهم في مناطق معينة من سدني ولا يريدون تعلم اللغة الإنجليزية ولا الانخراط في سوق العمل  الأسترالي ولا حتى الاختلاط مع الآخرين وقد تم تبرير ذلك وببساطة : 
⦁ موظف (السنترلينك – الضمان الاجتماعي) يتكلم العربية 
⦁ موظفة البنك تتكلم العربية 
⦁ طبيب أو طبيبة المركز الصحي من أصول عربية وتفهم معاناة المرضى العرب 
⦁ مدير العقار متزوج من عربية 
⦁ العاملين في المطاعم المحيطة والمقاهي والحانات من أصول عربية  
⦁ وأخيرا أصحاب المصالح التجارية من أصول عربية وهناك فرص متاحة للراغبين في العمل بشكل مؤقت أو دائم ومن دون أي شروط للغة الإنجليزية أو المؤهلات الدراسية.
للأسف هذه الحالة موجودة وقد بدأت في الانتشار في بعض المناطق والتي يتجمع فيها المهاجرون العرب صغاراً وكباراً في مجتمع غير متجانس وذات أقطاب ثقافية واجتماعية وعرقية متعددة وكما هي الحال مع بعض المهاجرين الآخرين من غير العرب ( هنود وصينيين ويونانيين وأرمن وغيرهم ) وأما الحلول فقد تحتاج الى فريق متخصص لدراسة الحالة أو الحالات فما ينطبق على فئة أو مجموعة قد لا ينطبق على الأخرى والعكس صحيح وقد نحتاج لمؤتمرٍ آخر لمناقشة وعلاج تلك الحالات والله المستعان.