شارك مع أصدقائك

أستراليا اليوم

لا يمكن وصف الارتفاع المتكرّر لسعر الفائدة، من قبل المصرف المركزي الأسترالي، سوى بلفظة واحدة: القسوة.

وكنا، في هذه الزاوية بالذات، أطلقنا عدة نداءات، للجم سعر الفائدة، كما وجهنا رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء الفيدرالي أنتوني ألبانيزي، ندعوه فيها إلى التدخل المباشر، لدى المصرف المركزي من أجل إيقاف هذا المسلسل، غير الرحيم بحق المقترضين الذين يعانون الأمرّين في ظروف اقتصادية صعبة للغاية. لكن الحكومة، ووزير الخزانة الفيدرالية جيم تشالمرز بالذات، يعتبران أن المصرف المركزي سلطة “مستقلة”.

وقد يبدو الرقم هزيلاً في القراءة الأولى، 4,35 في المئة، ولكن في قراءة مالية متقدمة، يَظهر أن صاحب القرض سيضطر إلى دفع ما لا يقل عن ثلث دخله من أجل تسديد فوائد القرض. وبعض الناس يدفعون الآن ما يصل إلى 60 ألف دولار سنوياً لخدمة القرض.وإذا احتسبنا أنّ متوسط ​​الرهن العقاري في سيدني هو 725 ألف دولار، فإن صاحب المنزل يدفع الآن، 4,819 دولارًا كل شهر، أي 57,828 دولارًا سنويًا. فهل وضع المصرف المركزي هذه الأرقام أمامه قبل أن يتخذ قراراً برفع الفائدة؟ وهل سأل: كيف يمكن لامرأة وحيدة لديها أربعة أطفال أن تسدد هذا المبلغ؟ أو كيف يمكن لعامل بأجر محدود أن يفعل ذلك؟ علماً أن الحد الأدنى للأجور لا يكفي لسد خدمة القرض، ولو عاش الإنسان بدون طعام ولا شراب، ولا هاتف، ولا انترنت، ولا ماء ولا كهرباء.

المهم إذن عند البنك المركزي هو السيطرة على التضخم، ولو عانى عشرات آلاف الأستراليين المزيد من الضغوط… فبعد حمار التضخم لا ينبت حشيش.

ونحن نعرف أنّ المصارف لا تلتزم تسعيرة المصرف المركزي، بل تزيد فائدة القروض على هواها. فالفائدة الفعلية لدى تلك البنوك تقارب 6.29 إلى 7 في المئة. وهذا يعني أن الأسرة التي كانت تدفع شهريا 5 8 49 دولاراً، باتت ملزمة الآن بتأمين 5090 دولاراً شهرياً.

المشكلة ليست هنا فقط، فمَن يضمن لنا أنّ التضخم لن يرتفع مع ارتفاع أسعار السلع والوقود. وهذا الأخير هو الذي قصم ظهر البعير، وزاد من معدل التضخم في أستراليا. وتبعاً لتطورات السوق النفطية، سيبقى المواطن الأسترالي تحت رحمة المركزي ورفع الفائدة. وليس مضموناً أيضاً أن رفع الفائدة الآن سيؤدي إلى خفض التضخم، فكأن المصرف المركزي يقامر أو يقفز في الهواء، بدون حدود معروفة لسياستة النقدية المتشدّدة. وفي ذلك يقول الخبير المالي

ستيفن سميث إن بنك الاحتياطي الأسترالي يرتكب خطأ.

ويسأل سميث، كما سألنا نحن مرات من قبل: “هل تعتبر زيادة أسعار الفائدة أداة سياسية ضرورية لمعالجة التضخم؟… لن تتمكن أسعار الفائدة من معالجة المصادر الرئيسية للتضخم، وهي الإيجار والكهرباء والبترول”.

وإذا بقي المركزي يعمل بهذا النهج، ويعتبر أن رفع الفائدة هو الحل الوحيد تحت الشمس للتحكم بجدول التضخم، فالحبل سيبقى على غاربه، ومن غير المرجّح أن تنخفض أسعار الفائدة من الآن حتى أيلول 2024، وهو الموعد الذي يضربه لنا المنجّمون لكي يتوقف الارتفاع في التضخم، وتعود الفائدة إلى الجمود.

وقد جاء الإنذار المخيف من مصرف “أي إن زد”: “لا نتوقع أي تخفيف للفائدة حتى الربع الأخير من عام 2024.” وهذا يعني انتظار المزيد من الألم والصعوبة للمواطن العادي. والسؤال الملحّ الآن هو: لماذا لا ينظر المصرف المركزي في خيارات أخرى، ويجترح حلولاً للتضخم لا يدفع ثمنها الأستراليون بهذا القدر من المشقّة؟

ج.د.