بقلم الدكتور القس جرجس عوض
كم مرة اكرمت شخصا ما وندمت؟ كم مرة تعاطفت مع اشخاص وصنعت معهم الخير وكان رد الخير شر ؟ كم مرة سامحت وعفوت من اساءوا اليك سواء بالقول او بالفعل واعتبروا ذلك ضعفا او حق مكتسب!
كم مرة لاقيت جروحا وطعنات الخناجر ممن احتضنتهم بكل حب، كم مرة سترتهم فعروك وجرحوك، احببتهم فكرهوك، اكرمتهم فخانوك، انصفتهم فظلموك، اشتريتهم فباعوا انفسهم وباعوك ، وثقت بهم اما هم فخذلوك.
وللأسف مجتمعنا لا يخلوا من هؤلاء اللؤماء أصحاب الوجهين. لقد قيل من الأفضل أن يكون أمامك أسد مفترس على أن يكون وراءك كلب خائن.
لكن في كل الأحوال عندما يخونك أحد من الناس، قف رافعاً رأسك ولا تنحني لأنك أنت من فزت بالوفاء.
اه ثم اه من شر الانسان الشاذ في أفكاره وتصرفاته . هؤلاء يستقون من نبع الشيطان حتي ولو كانوا يرتدون ثياب الاتقياء . فقد قيل أن يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة، اما الاسوياء الكرماء فهؤلاء من لا ينسون حتي الكلمة الطيبة، ومن هنا قال المتنبي فإذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا.
واسمحوا لي ان اقص عليكم هذه القصة .
أراد احد الشباب ان يتزوج من ابنة رجل تقي دمس الخلق وسيرته هو واسرته تفوح مسكا . وبالفعل وافق الرجل على زواج ابنته بشرط أن يقدم الشاب مهر لابنته وهو عبارة عن كيس ملئ من البصل. واستغرب الشاب كثيرا من طلب الرجل !.
وبعد مضى عام من الزواج اشتاقت الفتاة ان تذهب لأسرتها وطلبت من زوجها الذهاب معها.
وخاصة أنه أصبح لديهم طفل رضيع؛ وبالفعل تجهزت الزوجة بصحبة زوجها للذهاب لا سرتها. ولكن كان عليهم بالعبور من احد الانهار حتى يتمكنا من استكمال الطريق للوصول الي اسرة الزوجة. ولكن عند عبور النهر مسك الرجل بالطفل وترك الزوجة خلفه تعبر بمفردها.
وسرعان ما تعثرت الزوجة عند العبور وسقطت قدميها. فاستنجدت على الفور بزوجها الذي كان غريبا ومريبا في رد فعله، وقال لها أنقذي نفسك، فثمنك لا يتعدى كيس من البصل ! ولكن شاء العلي القدير ان ينقذ الزوجة، واستطاعت عبور النهر بمفردها بعد تخلي الزوج عنها!
حزنت الزوجة حزنا شديدا، وبعد الوصول أخبرت أهلها بكل ما حدث معها من الزوج . وتحقق والد الفتاه من تصرف الزوج، فقال والد الفتاة، خذ ابنك وانصرف ولا تأتي حتى تملأ هذا الكيس ذهبا! واصر علي موقفه، وبالفعل انصرف الرجل ومرت الأيام وأصبح الطفل بحاجة لرعاية أمه؛ فرغب الرجل في الزواج من اخري وكل ما يتقدم الي فتاة كان يتم الرفض من كل من يتقدم لها. وذلك لأن الجميع يعلم حسن سيرة الزوجة وأهلها، وأن العلة حتما تخص الزوج.
ولم يجد مفر من جمع الذهب لإرجاع زوجته له مرة ثانية. وبالفعل مرت سنين والرجل يعمل بكل جد حتى استطاع جمع الذهب، وتقديمه الي والد الزوجة.
ومن ثم وافق والد الزوجة على رجوع ابنته إلى زوجها، واثناء عودتهم وبينما يسيرون في الطريق إلى البيت شرعت الزوجة في عبور النهر. ولكن سرعان ما استوقفها الزوج ثم حملها على ظهره، ليقول لها إنك غالية جدا فثمنك اغلي من السنين ويقدر بالذهب الكثير . وحينما سمع والد الزوجة عن هذا الامر ضحك كثيرا، ومن هنا جاءت المقولة الشهيرة “إذا أكرمت الكريم ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمردا”.
فحينما عاملوه بأصلهم الطيب لم يصن المعروف، وعندما عاملوه بأصله الرديء صان المعروف . ان الحياة مليئة بالخير والشر لا تندم على حسن الخلق ولو غدروا الناس بك ، فلأن تحسن ويغدرون، خير من أن تغدر ويغدرون
أن تكون مذنبا في عين الناس خير من أن تكون مذنبا في عين الله وما اجمل النص الكتابي حينما يحذرنا من اللئيم والخائن ار 12 : 6 حَتَّى إِخْوَتُكَ وَأَفْرَادُ أُسْرَتِكَ قَدْ تَنَكَّرُوا لَكَ، وَدَعَوْا عَلَيْكَ وَرَاءَكَ بِمِلْءِ أَفْوَاهِهِمْ.
لاَ تَأْتَمِنْهُمْ، وَإِنْ خَاطَبُوكَ بِأَلْفَاظٍ مَعْسُولَةٍ فلا تضع قلبك علي حلاوة اللسان قال احد الشعراء: لا خير في ود امرئ متملق، حلو اللسان وقلبه يتلهب، يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويروغ منك كما يروغ الثعلب، يلقاك يحلف أنه بك واثق، وإذا توارى عنك فهو العقرب وماذا عن قول الوحي يو 2: 24 لَكِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَأْتَمِنْهُمْ عَلَى نَفْسِهِ، لأَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ الْجَمِيعَ . هناك بعض الأشخاص الذين يجب ان تحترس منهم.
هؤلاء يتظاهرون بقلب يسوع ويقبلونك بقبلة يهوذا، اما في المقابل هناك أمناء وعظماء يوزنون بالذهب مز 16: 3 القديسون الذين في الارض والأفاضل كل مسرتي بهم ام 3: 32 لان الملتوي رجس عند الرب. اما سره فعند المستقيمين.
فما اعظم الاستقامة في عيني الرب فكن كريم واحترس من ان تكون لئيم ذو وجهين ، مبغوض من الرب ، ومكروه من الناس .