خالدة العسكري
لماذا يتحمس البشر في مجتمعنا إلى درجة عالية في سرقة وانتهاك حرمة حياة الآخرين؟.. لماذا حين يتعلق الأمر بحياة غيرهم الشخصية لا يفكرون بحرمتها، فيما نحن مجتمعات يؤرقها مفهوم الفضيحة في كل صغيرة وكبيرة؟
والجميع يرى نفسه بريئاً والجميع يتكلم.. معظمنا لا يرى بوضوح أخطاءنا، فقط نرى الغير ونضع حياتهم تحت المجهر.. ونتحدث بكل صغيرة وكبيرة ونختم الجلسة: «ليش وليش…» ما شاء الله الجميع محللون ومعظمنا يصلح للعمل في مجال تحليل الأخبار وتقنينها!!
من منا لم يصادفه موقف ما.. أصدقاء مجتمعون في مجلس، وبمجرد أن ذهب صاحبهم تكلموا عنه وعن أهله أو بمجرد أن يروا شخصاً يتجول ويتمشى في الأماكن العامة يبدؤون الكلام.. فلان فيه وفيه.. وأمه، وأخته (عرضه)، دون مراعاة لهذه الحرمات.. وقد يكون العيب بهم ولكنهم في نظر أنفسهم أبرياء ولكن الناس فقط هم فيهم البلاء وفيهم من العيوب التي تصلح للقيل والقال.
وحقيقة قليلون منا للأسف أولئك الذين يحاولون إيقاف هذا النوع من الأذى وهكذا بشر.. ولوكان كلامياً وفي الأساس من المؤكد أننا إذا عاتبنا أحداً أو حاولنا إيقافه عن إخبارنا تفاصيل عن حياة الآخرين فإنه ببساطة سوف يذهب إلى غيرنا ليكمل الفكرة.
ما الأسباب.. هل هو الفراغ الاجتماعي أم الرفاهية التي ننعم بها أم هي فقط قيل وقال و«تسالي»؟!
نذهب للأفراح وننتقد الناس على لبسهم وعلى الترتيب وعلى كل شيء رغم أنه لا عيب ولا قصور بالفرح حتى وأن فرشوا الأرض ذهباً وورداً سننتقدهم، فقط أعتقد لأنه هواية اجتماعية يتمتع بها الكثير منا والقليل فقط هو من لا يبالي..
نترصد عيوب الناس.. نترصد الزلات.. نترصد الحقائق التي نراها واقعاً ونتغافل بالواقع عن الحقيقة.. هل هذا ضعف أم قوة، هو بالنهاية مجرد «حكاوي وتسالي» وقيل وقال؟!
نحن شعوب نبحث في التسلية في المحرمات التي لا نستطيع مناقشتها بوضوح، فمعنى هذا أننا نبحث عن الخلل في حياة الآخرين لكي نبرر لأنفسنا خللاً ما في حياتنا.. ولكي نبرر لأنفسنا بأننا فقط نحن الأسوياء ونحن الأصحاء ونحن الأذكياء اجتماعياً والغير به من العيوب لا تعد ولا تحصى..
يا ريت جميعاً نرى أنفسنا كما نفتح أعيننا وألسنتنا وجوارحنا للغير وكما ننتقدهم لننتقد أنفسنا وبدل البحث بعيوبهم لنرى أنفسنا على حقيقتها ونرتقي بها ونصلح أخطاءنا ونعترف بوجود النواقص بنا لا بالغير حتى وأن وجدت بالغير لمن لا ندعو لهم بالخير ولنتركهم بشأنهم.. لماذا؟
وإذا واجهت أحداً من هذا النوع فقط قولوا لهم أصمتوا وانشغلوا بحالكم!!
الكثير منا يقف ضعيفاً أمام هذه الفئة من البشر ولكن أن وجدوا رادعاً مرة ومرتين سيفكرون كثيراً قبل الحديث بالغير ولكن مع الأسف القيل والقال منتشر كثيراً.. فمتى سنتخلى عن فضولنا الاجتماعي ونرتاح ونريح البشر؟!