فلسطين – جاليات
شارك آلاف الأشخاص في مسيرات مؤيدة لفلسطين في جميع أنحاء أستراليا.
وقد نُظمت هذه المظاهرات في مدن مثل سيدني وملبورن وأديلايد وكوينزلاند.
فعل أم ردّ فعل؟
وتأتي المسيرات لإظهار التضامن مع الفلسطينيين، خاصة في أعقاب الرد الإسرائيلي على هجمات حماس في أكتوبر الماضي واسترداد حقها في أعمال العنف التي قام بها الفلسطينيون.
بالإضافة إلى ذلك، أقيمت مسيرات أسبوعية مؤيدة لفلسطين في هايد بارك في سيدني على مدار الأشهر الستة الماضية.
وقد اجتذبت الحركة مؤيدين من خلفيات متنوعة، بما في ذلك أولئك الذين لم يحتجوا أو كانوا ناشطين سياسيين سابقاً،
أو ممن هم لا يعلمون شيئاً عن الفلسطينيين سوى ما ينشره الفلسطينيون لهم من صور تصور مأساة الفلسطينيين لكسب عطف الناس.
والهدف من ذلك «كالعادة» هو الضغط على إسرائيل لإيقاف هجماتهم على الفلسطينيين.
لقد استحوذت الصور المروعة والعميقة التي تم بثها في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على اهتمام كبير.
تأثير الصور والفيديوهات:
مما حفز الناس على الدفاع عن القضية الفلسطينية.
وقد أيَّد سياسيون أصحاب نفوذ قوي تلك التظاهرات المؤيدة لفلسطين والتي تسببت في كثير من السلبيات.
ولم يعيروا أي اهتمام لأي تطور قد يحدث وأي تخريب قد ينتج، وأي تعطيل قد ينشأ نتيجة هذه التظاهرات.
هيا بنا نحلل الأمور لنفهم ما هي النتائج الجسيمة التي قد تحل على وطننا أستراليا نتيحة هذه التظاهرات:
أولاً: ما فائدة التظاهرات بحسب رأيهم؟
– المقاطعة: إن التظاهرات تنادي بمقاطعة إسرائيل.
وهل يمكن لأستراليا وأميركا والدول العظمى أن تقطع علاقتها بإسرائيل لتقوية شوكة حماس الإرهابية في الشرق الأوسط والعالم؟
والسؤال المحوري الذي قد يتجاهله بعض السياسيين المندفعين وراء عواطف ليست في محلها ويدافعون عن غير دراية:
ما نتيحة مقاطعة إسرائيل على العالم كله؟
اقتصادياً: قطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع إسرائيل سيؤدي إلى تأثير سلبي كبير على الاقتصاد العالمي.
حيث إن إسرائيل دولة تكنولوجية متقدمة ولها تأثير كبير في مجالات مثل التكنولوجيا والطب والزراعة.
وبالتالي فمقاطعتها سوف يؤدي إلى تأخر هذه المجالات على مستولى العالم.
إقليمياً: قد يؤدي تصاعد التوترات في المنطقة إلى تأثير على الاستقرار الإقليمي والأمن العالمي.
فهل تعتقد يا صاحب العقل الراجح، أن مقاطعة إسرائيل ستكون بالأمر الهيِّن على إسرائيل، ولن يكون لها أي ردّ فعل؟
هل تعتقد أن إسرائيل ستأخذ ركناً كالطفل الصغير لتبكي حالها؟
بالعكس، ستحدث توترات علي مستوى كل الصُّعُد على المستوى العالمي، والخاسرون، هم الذي اندفعوا وراء عواطفهم.
السلام الدولي: قد يؤدي تصاعد النزاعات المرتبطة بإسرائيل إلى تأثير على جهود السلام الدولي والتعاون بين الدول.
فإن إسرائيل دائماً في سلام مع الدول العظمى ولها مصالح مشتركة معها ولا يمكن الاستغناء عن كل هذا لتقوية حماس.
العلاقات الدولية: قد يؤدي قطع العلاقات مع إسرائيل إلى تأثير على العلاقات الدولية بين الدول المقاطعة والدول الأخرى في كل العالم وخاصة على المستوى السياسي والتجاري.
الأمن الإقليمي: قد يؤدي تصاعد التوترات في المنطقة إلى تأثير على الأمن الإقليمي والتعاون الأمني بين الدول.
بالطبع، هذه توقعات وتأثيرات محتملة، والواقع قد يكون أكثر تعقيدًا.
يجب أن يتخذ القادة السياسيون قراراتهم بحذر.
– الضغط: من اهداف التظاهرات في جميع أنحاء العالم عامةً وفي أستراليا خاصةً هو الضغط على إسرائيل لإيقاف الحرب على غزة.
وهل إذا أوقفت إسرائيل الحرب، وهذا ما كان دائماً يحدث عبر التاريخ- ستوقف غزة هجماتها على إسرائيل؟
أم سيعاودون الهجوم عليها ثانيةً؟
التاريخ يحكم
تعالوا نعود بالتاريخ إلى الوراء لنرى ماذا كان يحدث بعد كل مرة توقف إسرائيل الحرب وتبدأ الضربات الفلسطينية لإسرائيل.
اتفاقيات الهدنة في 1949: بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، استمرت المناوشات الحدودية والهجمات المتقطعة من كلا الجانبين.
بدأت جماعات فلسطينية بهجمات ضد أفراج إسرائيليين، وكان يشترك فيها حتى الأطفال، وكان الجيش الإسرائيلي يرد على هجماتهم بهجمات أعنف.
اتفاقيات أوسلو 1993 و1995:
بعد اتفاقيات أوسلو، شهدت المنطقة عدة أحداث عنف من الجانبين، بدأت بعمليات تفجيرية نفذتها مجموعات فلسطينية، بينما قامت إسرائيل بعمليات عسكرية رداً على تلك الهجمات.
الانتفاضة الثانية (2000-2005)
بدأت بعد زيارة أرئيل شارون، زعيم حزب الليكود آنذاك، إلى الحرم القدسي الشريف، مما أدى إلى احتجاجات فلسطينية واسعة وأعمال عنف تبعتها ردود عسكرية إسرائيلية.
الانسحاب من غزة 2005:
بعد الانسحاب، سيطرت حماس على غزة في عام 2007، وازداد إطلاق الصواريخ من غزة نحو إسرائيل، بينما ردت إسرائيل بغارات جوية وعمليات عسكرية.
الهجمات الصاروخية من غزة كانت البداية للعديد من الجولات العنفية، تليها ردود فعل عسكرية إسرائيلية.
عملية عامود السحاب 2012:
بعد وقف إطلاق النار في عملية «عامود السحاب»، استمر إطلاق الصواريخ بشكل متقطع من غزة نحو إسرائيل، مما أدى إلى ردود إسرائيلية.
كانت الفصائل المسلحة في غزة تبدأ بإطلاق الصواريخ.
وقف إطلاق النار 2014:
بعد حرب غزة 2014، تكرر نمط إطلاق الصواريخ من غزة وردود الفعل العسكرية من إسرائيل.
الاتهامات كانت متبادلة حول من يبدأ الهجمات، ولكن كانت الفصائل الفلسطينية تبدأ بإطلاق الصواريخ.
وقف إطلاق النار 2021:
بعد التصعيد في مايو 2021، كانت الأحداث في القدس وخاصة في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح هي الشرارة التي أدت إلى إطلاق صواريخ من غزة نحو إسرائيل.
مما دفع إسرائيل للرد بغارات جوية وعمليات عسكرية.
فعبر التاريخ، كلما كانت هناك اتفاقية بوقف إطلاق النار، بعدها تُفاجأ إسرائيل بصواريخ وقذائف وهجمات جماعية من قِبَل الفلسطينيين.
وبالتالي كانت إسرائيل ترد على هذه الهجمات، ثم يعود الفلسطينيون يصرخون للمجتمع الدولي طالبين الهدنة ووقف إطلاق النار.
وعندما يتم وقف إطلاق النار، يستأنف الفلسطينيون هجماتهم… وهكذا.
ما الحلّ إذاً؟
فالحل ليس في إيقاف الحرب من جانب إسرائيل، لأن لو إسرائيل أوقفت الحرب، لن تتوقف فلسطين عن إطلاق النار والهجمات على إسرائيل.
ولا يمكنني أن أقول أن الحلّ هو التوصل إلى عملية السلام بين فلسطين وإسرائيل والعمل على تقسيم الأرض بين الشعبين.
لأن الجانب الفلسطيني يؤمن كل الإيمان ويتبع كل التبعية المكتوب في القرآن أن «أشدهم عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا» كما ان لديهم أمراً دينياً يقول: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم ولياء بعض، ومن يتولَّهم منكم، فهو منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين».
وعلى هذا يستحيل على الفلسطينيين أن يقبلوا صنع السلام مع إسرائيل وإلا بذلك يكونوا قد نقضوا دينهم.
وبالتالي فكل محاولات الصلح والهدنة المتكررة بين الفريقين هي زائفة، فاليهود لو حاولوا مئات المرات صنع السلام مع فلسطين، هذا سيكون بمثابة الهدنة للفلسطينيين ليستعيدوا قوتهم ثم يستأنفوا الهجمات على إسرائيل، الذين يعتبرونهم أعداءً ويطلقون عليهم لفظ «المحتلون».
فالحل ليس في التغيير السياسي، بل فيما يعتقد الفلسطينيون.
ومن ثمَّ فالتظاهرات لن تأتي بما يأملون من حلول ولن تجدي شيئاً إيجابياً بل كلها مليئة بالسلبيات ولن تعود على أستراليا والعالم إلا بالخسارة.
فما الفائدة من التظاهرات إذاً؟
لا شيء، إنها مجرد تعطيل لحركة الإنتاج، وانشغال الشرطة بأمور لا تنفع ولا تفيد، وقد يمكن للشرطة أن تعمل على أمن البلاد وتهتم بالمجرمين والمهربين والقتلة، بدلا من الوقوف على التظاهرات ومحاربة المشاغبين منهم.
فالتظاهرات لن تعود على أستراليا بفائدة، ولن تحقق أهدافاً.
وارتداء الوشاح الفلسطيني لن يدل أو يشير إلا إلى العنصرية والإشارة إلى الجهاديين الذين يفجرون انفسهم وهم يفعلون ما لا يدرون.
فدعونا نضع المعتقدات جانباً والتفاليد التي تربينا عليها بعيداً حتى نعيش في سلام مع بعضنا البعض.