هادي جلو مرعي – أستراليا اليوم
هنا يتوقف الزمن، ورجل يقف عند حاجز كونكريتي، بينما سيدة تضع يدها على خدها الأيمن تبحث عن فرصة، وشاب يبدو أنه لاعب كرة قدم قرر البحث عن ملعب آخر خارج أفغانستان، ولم يتصور يوما إنه سيتشبث بجناح طائرة يسقط منها وهي في الأعالي ليتحول الى أشلاء ممزقة على مبنى في العاصمة كابل المصابة بالذهول والقلق والخوف من المجهول، وكل ذلك عند بوابات مطار العاصمة التي تتخبط بعد إنسحاب غير متوقع وبهذه السرعة من قبل القوات الأمريكية، وإندفاع لجماعات بشرية مصابة بالرعب نحو المكان الوحيد الذي يأملون التوجه من خلاله الى الأمل الذي يظنونه في بلاد أخرى.
لم يتبق من هيبة أمريكا مايضعها في مكانتها التي تريد سوى أن تتوسل بطالبان السماح بمرور آمن لرعاياها الى المطار، وقبل ذلك بإنسحاب آمن لقواتها التي تركت عتادها الثقيل كهدية مجانية غير متوقعة لمقاتلين طردتهم عام 2001 وهي تفاوضهم الإن وترسل مدير مخابراتها وليم بيرنز ليتحدث سرا الى الرجل الثاني في الحركة ملا غني برادر الذي اعلن وبقوة إن عمليات الإجلاء تنتهي في 31 اوغست ولاتمديد، ولن يكون هناك تمديد، وهو الأمر الذي أكده الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد الإنتهاء من مؤتمر الدول السبع حول أفغانستان، وكسره لهيبة الحلفاء الأوربيين، ومنهم رئيس الوزراء البريطاني الذي طلب مهلة بعد هذا التاريخ ولو ليومين لإنجاز مهمة الإجلاء.
في العالم اليوم يسود هوس الأفغنة، فالقواعد العسكرية الأمريكية تستضيف آلاف الأفغان، ودول صديقة وحليفة لواشنطن سمحت بمرور أعداد منهم عبر مطاراتها، أو إستضافتهم على أراضيها لبعض الوقت بناءا طلب إدارة الرئيس بايدن، وهناك دول أوربية أجلت جنودها ورعاياها، ومعهم آلاف الأفغان عبر المطار بإنتظار تأهيلهم الأمر الذي أكدته أمريكا التي أعلنت أنها أجلت مايزيد على السبعين ألفا من الأفغان، وأنها ستدقق بطلبات لجوئهم للتثبت من كونهم غير مرتبطين بجماعات إرهابية قد تهدد الأمن القومي الأمريكي.
قد تتحول اللغة الأفغانية الى لغة معتمدة للحوار والتعامل بين الدول لفرط ماوصل من مهاجرين الى دول أوربا وأمريكا، وبلدان مختلفة من العالم خاصة خلال الفترة التي أعقبت سيطرة طالبان الأولى، ثم هروبها من كابل، ثم عودتها، مع حجم ماغادر اثناء الحرب الأهلية، والإحتلال السوفييتي لهذا البلد الذي يواجه الفقر والمجاعة والفوضى والتهديد، ومع إحتمال تطور الأحداث الى ماهو أسوأ بكثير مماهي عليه الآن، مايعني أفغنة العالم، ونشر ثقافة مضادة بطريقة غير تقليدية، أو كتلك التي كانت معتمدة في قرون الإحتلالات المعروفة التي أرهقت العالم.