شارك مع أصدقائك

سيدني تفقد رمزًا من رموز الفن العربي في المهجر

أستراليا اليوم تعلن أسراراً أستراليا اليوم تعلن أسراراً أستراليا اليوم تعلن أسراراً أستراليا اليوم تعلن أسراراًأستراليا اليوم تعلن أسراراً – جاليات

توفي يوم الثلاثاء الماضي الفنان والملحن العربي محمد شريف في سيدني، أستراليا، عن عمر ناهز 81 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا ثريًا وذكريات لا تنسى في قلوب محبيه ومتابعيه.
يعتبر محمد شريف من الفنانين القلائل الذين جمعوا بين التلحين، والغناء، والعزف، فقد أبدع في عزف العود وصقل موهبته ليصبح أحد أبرز الفنانين الذين مثّلوا الموسيقى العربية الكلاسيكية في المهجر.
تميز شريف بأسلوبه في تقليد صوت ملك العود فريد الأطرش، وكان يؤدي أعماله بحرفية جعلته يقارب الإحساس العميق لأغاني هذا الفنان الكبير، ما جعله محبوبًا في أوساط الجالية العربية في أستراليا، خاصة لمن يحنّون للموسيقى الشرقية الأصيلة التي تربوا عليها.

بداية الرحلة الفنية بدعم من فريد الأطرش

بدأت مسيرة محمد شريف الفنية عندما التحق بـ معهد الموسيقى العربية في القاهرة بفضل تزكية مباشرة من الفنان فريد الأطرش، الذي أعجب بموهبته وقدّم له خطاب توصية. كان دخول شريف لهذا المعهد نقطة فارقة في حياته، حيث تلقى تدريبًا مكثفًا على يد أساتذة كبار في العزف، والتلحين، وفنون الموسيقى العربية.
وبعد تخرجه، لم يلبث أن بدأ مشواره الفني عبر التلحين وكتابة النوتة الموسيقية لكبار المطربين في تلك الفترة، حيث تعاون مع الفنان محمد رشدي والفنان محرم فؤاد، وقد ساهمت هذه الأعمال في تعزيز مكانته كملحن مبدع يمتلك فهماً عميقاً للنغم العربي الأصيل.

حلم مشروع فني لتجسيد سيرة حياة فريد الأطرش

لم يكن شغف محمد شريف بفريد الأطرش مجرد إعجاب، بل كان حلمه أن يجسد مسيرة حياة هذا الفنان العظيم عبر عمل درامي يروي قصة حياته ويوصل إرثه الفني للأجيال الجديدة. وفي سبيل تحقيق هذا الحلم، سافر شريف إلى القاهرة حيث التقى بشقيق فريد، فؤاد الأطرش، الذي استقبله بحرارة في منزل العائلة.
وحين دخل شريف إلى غرفة فريد الأطرش وأمسك بعوده الخاص، بدأ في عزف إحدى أغانيه، مما أثر في فؤاد الأطرش لدرجة أن دموعه انهمرت تأثراً، وكأن صدى روح أخيه ينبعث من جديد. ومع ذلك، لم يكتمل هذا المشروع الفني بسبب عوائق مادية حالت دون تنفيذه، ليظل هذا الحلم العالق في ذاكرته وقلوب محبيه.

تأسيس مؤسسة «صوت الفنان الأسترالي العربي» لنشر التراث الموسيقي

وفي مغتربه في سيدني، أسس محمد شريف مؤسسة «صوت الفنان الأسترالي العربي» في منطقة غيلفورد، بهدف إحياء الموسيقى العربية الكلاسيكية ومدّ جسور التراث بين الأجيال الجديدة والموسيقى الأصيلة.
جمعت هذه المؤسسة نخبة من الفنانين العرب المقيمين في أستراليا، حيث كانت بمثابة منبر فني مميز للمواهب المحلية، وأسهمت في دعم المواهب الشابة وتشجيعها على صقل قدراتها.
دعا شريف العديد من المطربين والعازفين للمشاركة في نشاطات المؤسسة، ومن أبرزهم الفنانة كاديا، والفنانة سهى غريب، والفنان سرمد عامر، والفنان هاني فزاعة، والفنان رواد الحاج، والفنان رعد الطيب، إضافة إلى الملحن المبدع خليل قمر، وعازف الأورغ إبراهيم صاروفيم وعازف العود كوستي.
ولم تقتصر مشاركات شريف على تنظيم الفعاليات، بل كان له حضوره المميز في الحفلات، حيث قدم دويتوهات مع الفنانة كاديا، وكان من بين أشهرها أغنية «يا سلام على حبي وحبك» التي غناها فريد الأطرش مع شادية، مما أضفى لمسة من عبق التراث على حفلات المؤسسة.

شراكة فنية وصداقة مع المستشار الإعلامي هاني الترك

كان للإعلامي هاني الترك دور هام في دعم مؤسسة «صوت الفنان الأسترالي العربي»، حيث شغل منصب المستشار العام للمؤسسة، وساعد في تقديم الدعم الإعلامي اللازم لتعزيز دورها وتوسيع نطاق تأثيرها بين أفراد الجالية.
جمعته صداقة قوية مع محمد شريف، مما زاد من عمق التعاون بينهما وعزز من تأثير المؤسسة على الساحة الفنية.

رحيل موجع وذكريات خالدة

بوفاة محمد شريف، فقدت الجالية العربية في أستراليا رمزًا من رموز الفن الأصيل، وترك برحيله فراغًا كبيرًا في قلوب محبيه وزملائه.
لم يكن شريف مجرد فنان، بل كان رسولًا للتراث، حمل الموسيقى العربية بكل حب وشغف، وسعى لتقديمها بأبهى صورها إلى جمهور متعطش للماضي الجميل.

ستبقى أعماله وإسهاماته شاهدًا على مسيرته الحافلة بالعطاء، وذكراه حية في وجدان كل من عرفه أو سمعه يعزف ويغني.
تتقدم جريدة أستراليا اليوم بأحر التعازي إلى أسرة الراحل وأصدقائه، وتدعو له بالرحمة والمغفرة، سائلين الله أن يلهم ذويه الصبر والسلوان.

رحيل محمد شريف سيبقى نقطة حزن في قلوب كل من عشقوا الموسيقى العربية الأصيلة، لكنه سيظل حاضرًا بأعماله وإرثه الفني في المهجر، لينير درب الأجيال الجديدة نحو الموسيقى والتراث.