الآثار النفسية الناتجة عن الصدمات والأحداث المؤلمة تُعد من أكثر القضايا تعقيدًا في مجال الصحة النفسية، وتؤثر بشكل خاص على النساء بطرق متعددة وعميقة. عندما تواجه النساء تجارب صعبة مثل فقدان الأحبة، النزوح، أو العنف، قد تترك هذه التجارب آثارًا نفسية تمتد لفترات طويلة، مثل القلق، الاكتئاب، أو اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).
النساء غالبًا ما يتعرضن لتحديات مزدوجة؛ فبجانب الصدمة نفسها، يتحملن عبء تقديم الدعم والرعاية لأسرهن. هذا الوضع قد يزيد من الضغط النفسي عليهن، حيث يجدن أنفسهن مضطرات لمواجهة مشاعرهن الخاصة وفي الوقت نفسه دعم من حولهن. هذه الضغوط تؤثر بشكل مباشر على صحتهن النفسية، وقد تحد من قدرتهن على التكيف مع المتغيرات والاستمرار في حياتهن اليومية.
كما أن الآثار النفسية للصدمات يمكن أن تؤدي إلى ما يُعرف بالصدمة العابرة للأجيال، حيث تؤثر هذه الصدمات على كيفية تعامل الأمهات مع أطفالهن، مما قد يزرع فيهم إحساسًا بالخوف وعدم الأمان. وللتخفيف من هذه الآثار، يعتبر توفير الدعم النفسي المتخصص والمجتمعي أمرًا ضروريًا.
تحتاج النساء إلى بيئة داعمة تشمل الوصول إلى خدمات الصحة النفسية، إضافة إلى برامج التمكين التي تعزز من ثقتهن بأنفسهن وتساعدهن في بناء حياة جديدة بعد الصدمة. فعندما تحصل النساء على الدعم اللازم، يكنّ أكثر قدرة على تجاوز الصعوبات والعودة إلى حياة مليئة بالأمل والقوة.
…
هذه المقالة تلقي الضوء على ندوة هامة أُقيمت في سيدني حول الآثار النفسية للصدمات الجماعية، وكيف تؤثر هذه الصدمات على النساء والعائلات، مع التركيز على تجربة النساء العراقيات اللاتي مررن بتحديات كبيرة نتيجة الحروب والنزاعات المستمرة في العراق على مدى العقود الأربعة الماضية.
وقد ناقشت الندوة كيفية تأثير هذه الصدمات الجماعية على النساء اللاتي غالباً ما يتحملن عبء تقديم الرعاية للأسرة، مما يضاعف من معاناتهن ويؤثر بشكل مباشر على صحتهم النفسية ودورهن الاجتماعي. تطرقت النقاشات إلى مفاهيم الصدمة العابرة للأجيال وتأثيرها العميق على الأطفال وكيفية كسر هذه الحلقة من المعاناة.
من بين المتحدثين في الندوة كانت الدكتورة وديان فارس والدكتور باسم الأنصاري والبروفيسور بريخا نصورايا، الذين قدموا تحليلات تاريخية عن تجارب العراقيين وأوجه صمودهم. كما ناقشت الدكتورة حوراء الزرقاني الموضوع من منظور علمي، عارضةً استراتيجيات عملية لمساعدة النساء على مواجهة الصدمات ومنع انتقال آثارها السلبية إلى الأجيال القادمة.
شكلت الندوة فرصة لتعزيز الوعي بأهمية الدعم النفسي والمجتمعي، مع التركيز على تمكين النساء من تجاوز الصدمات وبناء حياة مستقرة ومستقبل أفضل.
بأشراف الدكتورة حوراء الزركاني [علم النفس ]