الدكتور القس
جرجس عوض رزق
راعي الكنيسة المعمدانية القاهرة – مصر ماذا لو ظلت مصر بما كانت عليه قبل ٣٠ يونيو؟
ماذا عن الكابوس الذي كتم على أنفاس الشعب المصري، طوال عام كامل مليء بالسواد والضباب مرَّ من تاريخ مصر، وهي مدة حكم “المرشد” وجلوس محمد مرسى على عرش مصر؟
ماذا عن جرائم الإخوان التي حفرها التاريخ في ذاكرة المصريين مثل معركة القضاء ومحاصرة الدستورية والتهديد والوعد والوعيد للنائب العام؟
هل ننسى الإعلان الدستوري المشين الذي نُصِّب فيه محمد مرسي ديكتاتور لمصر، ولا يحق لأي جهة الطعن عليه؟
وماذا عن مصطلح أخونة الدولة والاحتفال بنصر أكتوبر مع جماعات الإرهاب والقتلة والمتطرفين، وهل ننسى أحداث الاتحادية وإراقة دماء المصريين وتهديدهم، وهي الواقعة التي تمَّ الحكم فيها على محمد مرسي وجماعته بالسجن 20 عاماً في قضية عُرفت إعلاميا بأحداث الاتحادية؟
وماذا عن محاولة تدمير مؤسسات الدولة المصرية، وعمل تنظيمات إرهابية بديلة، دعاها بالحرس الثوري متشبهاً بإيران؟
ماذا لو استمر هذا النظام؟
أقول: لو كان الأمر كذلك، لانتشرت الحروب الأهلية في طول البلاد وعرضها، وضاع الأمن والأمان، وانتشر الجوع، وتفاقمت الأزمات الطاحنة سواء في الكهرباء أو الغاز أوالبنزين، وصار تقاتلاً على رغيف الخبز.
ومن ثم ضياع وتدمير البنية التحتية، وحرق الكنائس وقتل المسيحين وتهجيرهم من ديارهم والاستحواذ على ممتلكاتهم، ومن ثم اللجوء والهروب إلى دول العالم، ليصبح المصريون مشردين.
وما تبقي من الشعب المصري يدفن في قبور جماعية، والبعض الاخر تأكله الجوارح وطيور السماء، وتغتصب النساء، وتنتشر الأمراض والاوبئة.
ويتفاقم عدد القتلى والمصابين وتُغلق المستشفيات، لنقص الأدوية والمعدّات والأطباء، ويتدهور حال الشعب المصري صحياً واقتصادياً، ولكانت ثروات مصر الاثرية والبترولية قد نهبت وبيعت وتم الاستيلاء على أموال البنوك والمودعين، وبعدما كنا آملين في الإصلاح والتنمية.
ففي تلك الأيام العصيبة، ماتت ودفنت كل الآمال والأمنيات، عن طريق الجماعة الإرهابية، حيث جلسوا على كرسي العظماء.
وعدوا وكذبوا. حكموا وفشلوا. تآمروا وقتلوا، ولكن شكرا لله، الذي لم يتركنا فريسة لهم، بل كانت إرادة الله فوق إرادتهم، فكانوا كالعشب، نموا سريعاً وقطعوا سريعاً. ارتدوا ثياب الحملان، وهم الذئاب التي لا ترحم ولا تشفق على الرعية.
قتلوا مّنْ قتلوا وسجنوا مَنْ سجنوا وسحلوا مَنْ شاءوا وتعدوا على أمن المواطن وعلي الجيش والشرطة.
حكموا كأعداء، وتسلطوا بالإرهاب، وكان عليهم إخضاع الدولة تحت إمرة المرشد، ولكون الله أحب مصر والمصريين، دبَّر لها ثورة 30 يونيو، لتحيي قلوب نابضة توقفت عن الحياة، ورجاء انعدم بعد خيبة أمل، ومن هنا ظهرت حركة تمرد، تلك التي راحت تجوب طول الأرض وعرضها، وتجاوب الشعب معها، ومن ثم ظهر فجرٌ جديدٌ، ليعطي أملاً ورجاءً، بعد ليلٍ حالكِ السوادِ، استمر لمدة عام.
جاءت ثورة 30 يونيو، لتصحيح مسار شعب ودولة بحجم مصر، من الانزلاق إلى هاوية الموت والضياع، مصر دولة لها تاريخ، وليس لها مثيل في حضارتها، وموقعها الجغرافي المتميز، ومواقفها السياسية والريادية.
جاءت الثورة البيضاء التي ملأت كل ميادين الجمهورية في ٣٠ يونيو كان هتاف الجماهير، (يسقط.. يسقط حكم المرشد)، وبالفعل سًمع صراخ الشعب المصري كل من الجيش والشرطة والمؤسسات الدينية والمدنية، بل وكل المؤسسات المصرية وقرروا، الوقوف مع الشعب المصري الأبي، الذي قرر مصيره واختار ورسم مستقبله، كانت الثورة شرارة انطلاق نحو تثبيت أركان الدولة المصرية، والحفاظ على مقدراتها.
إنه اليوم الذي اجتمعت فيه إرادة الشعب وصنعت قرارها، وهو الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية، إنها ثورة عودة الوطن إلى هيبته، واستقراره وأمنه وأمانه.
لقد كانت ثورة من أجل الإصلاح والتنمية، إنه اليوم الذي استيقظ فيه الشعب المصري من كابوس مزعج، ووجب لهذا الشعب أن يكون له رئيسٌ وقائدٌ عظيمٌ حباه الله بالحكمة والقوة والشجاعة والقدرة، على محاربة الإرهاب والحفاظ على الدولة المصرية، ومكانتها السياسية.
من هنا انطلقت شرارة الإصلاح في كل الجمهورية، مبتدأً بالحرب على الإرهاب وامتدت أذرع الإصلاح بإطلاق المشاريع القومية العملاقة، في كل المجالات منها المبادرات الصحية المتنوعة، على رأسها مبادرة 100 مليون صحة، تلك التي قضت علي فيروس سي المرعب من أرض مصر، وقناة السويس الجديدة، وما يتبعها من مشروعات اقتصادية، وتوفير حياة كريمة لكل المصريين، وخطة القضاء علي العشوائيات بإنشاء مدن جديدة، ومدن صناعية، ومطارات جديدة، وتم إنجاز 28 محطة طاقة كهربائية.
وماذا عن العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين الجديدة، ومحطة الضبعة النووية، ويعد مجمع بنبان للطاقة الشمسية من أكبر المحطات الكهربائية بالطاقة الشمسية في العالم، وماذا عن حقول البترول، والقطار السريع، والمونورل، والطرق والكباري التي تعد شرايين الدولة المصرية.
وماذا عن تقنين أوضاع الكنائس، هذا الملف الشائك الذي عانى منه الأقباط على مرّ الأزمنة الماضية، لقد شعر الأقباط -لأول مرة- بأنهم مصريون منذ أن تولى الرئيس السيسي مقاليد الحكم، كما اعتاد أن يزور الكاتدرائية لتهنئتهم بالعيد، ما لم يفعله اي رئيس مصري من قبل.
نحن نعيش في مصر الجديدة حيث الأمن والأمان والمساواة بين فئات الشعب حيث إن كل المصريين نسيج واحد.
ويحكمهم رئيس لكل المصريين، بهذا كله أعاد الرئيس السيسي مكانة مصر، وريادتها بين دول العالم.
وتخيل معي لو لم يُصب العالم بفيروس كورونا الذي سبب شلل لكل العالم لأكثر من عامين، او لو لم تحدث حرب أوكرانيا، التي تسببت في ارتفاع الأسعار في كل العالم أيضا، لكنا شعرنا بطفرة تقدمية ليس لها مثيل، لقد حققت مصر نهضة داخلية ناجحة، من خلالها استعادت مكانتها، في المشهد الدولي كقوة عظمى.
تحية قلبية الي الدولة المصرية وإلى رجال ثورة 30 يونيو.
تحيا مصر