أستراليا اليوم في زيارة للفنان محمد شريف
الفنان محمد شريف رئيس مجلس إدارة صوت الفنان الأسترالي العربي، هو أيقونة للفن القديم والتراث العريق للفن والفنانين، وله باع كبير من الدرر الفنية من زمن الفن الجميل..
بعدما وصل الفنان محمد شريف إلى تحقيق أكبر النجاحات منذ أن بدأ مشواره الفني، وحتى لقاءنا به، شرعت جريدة أستراليا اليوم أن تقوم بزيارة له في منزله، لتشجيعه لاجتياز مرحلة المرض والتغلب على الضعف الجسدي.
انفردت جريدة أستراليا اليوم بلقاء الفنان المبدع محمد شريف للتنقيب عن درر الفن الأصيل وحكاياته مع الفنانين وعلى رأسهم ملك العود، الفنان فريد الأطرش.
– كيف كان تعارفك بالفنان فريد الأطرش وأول لقاء بينكما؟
– أولاً، عندما كنت صغيراً أراد أخي أن يذهب في رحلة إلى مصر عام 1958، فذهبت معه من بيروت إلى بورسعيد، ثم القاهرة، وسكننا في بيوت شباب في جاردن سيتي وكان لفريد مبناً شاهقاً في الزمالك، وكان وقتها يصور فيلم مع الفنانة شادية، وفي يوم من الأيام كان لفريد موعد مع كمال الدين الحسيني، فادعيت أنني لدي موعد مع الفنان فريد الأطرش، وبينما كان فريد ماراً إلى مكانه، قالوا لي «ها هو فريد الأطرش» فهرعت إليه وقلت له أنني أريد أن أجلس معه لأخبره في موضوع شخصي، فطلب مني أن أذهب له في مكتبه، وبالفعل ذهبت له وطلبت منه أن يسمع صوتي، وبالفعل سمع مني أغنية «مبروك الأمة العربية» وسمع مني موال أيضاً.
فقال لي أن صوتي جيد ولكنني احتاج أن أتعلم الموسيقى، ونصحني أن أذهب للدراسة في معهد الموسيقى العربية.
وبالفعل تعلمت الموسيقى، وبدأت الغناء والتلحين وتخصصت في كتابة النوتة الموسيقية.
وفي يوم من الأيام وأنا في بيروت، كنت أسجل أغنية في الاستوديو، وجاء الفنان فريد الأطرش إلى الأستوديو ليسجل أغنيته، فقال لي مدير الأستوديو أنه ينبغي أن أوقف التسجيل لأفسح المجال للفنان فريد ليسجل أغنيته، ولكن الأمر الذي أبهرني، أن الفنان فريد الأطرش رفض، وقال له أنني ينبغي أن اكمل التسجيل، وهو سوف ينتظر.
وما اعتبره بصمة في حياتي، أنه عند التسجيل وجدت أن الفنان فريد كان معجب بي وبدأ يشارك مهندس الصوت في ضبط التسجيل الصوتي لي، مما جعلني أشعر بمدى تواضعه ومحبته.
– هل هناك مواقف أخرى بينك وبين فريد الأطرش؟
– الحقيقة لم يكن موقفاً بيني وبينه، ولكنه كان موقفاً محزناً جداً لي، فبعدما تخرجت من معهد الموسيقى العربية وصرت مطرباً مشهوراً، كنت في إحدى الحفلات أغني أغنية «أول همسة» لذلك المبدع فريد الأطرش، وفجأة همس أحد الناس في أذني وقال لي: «فريد انتقل إلى الرفيق الأعلى» وكان الخبر قد نزل على رأسي كالصاعقة.
فريد الأطرش ما كان مطرباً محبوباً فحسب، وإنما له بصمات في قلوب الناس، فقد كان يلمس أوتار قلوبهم برنة عوده، ويخترق أعماقهم بصوته الممتلئ بالإحساس المرهف، والشجن.
– هل انتهى كل شيء بينك وبين فريد الأطرش بمجرد موته؟
– بالعكس، لقد طلبت مني الإذاعة اللبنانية أن أقوم بتمثيل دور فريد الأطرش في مسلسل إذاعي، وبالطبع لم أتردد، فاتصلت بالأستاذ فؤاد الأطرش شقيق ملك العود، وطلبت منه أن ادخل بيت فريد الأطرش لأتعايش مع الأغراض التي كان يستعملها، وأيضاً لكي أسأله عن أمور خاصة بفريد وطباعه.
وعندما دخلت بين فريد، هرعت بالدخول إلى غرفة نومه، لأجد العود الخاص به على فراشه، وكأنني دخلت متحفاً عريقاً.
فأمسكت بالعود وبدأت أعزف عليه، وفجأة دخل الأستاذ فؤاد الأطرش والدموع تملأ عينيه، وقال لي: حقاً ذكرتني بشقيقي فريد.
وللأسف لم يكتمل عمل المسلسل، ولكنني تشرفت كل الشرف بأن أدخل إلى بيت فريد الأطرش وغرفة نومه والمكان الذي كان شذى فريد يملأه، والعود الأثري الخاص به والتي أوتاره ما زالت تعزف مقطوعاته وحدها.
– هل شاركت في أعمال أخرى مع مطربين مشاهير من زمن الفن الجميل؟
– نعم، كتبت نوتة أغنية للفنان الجميل، محمد رشدي عندما كان في لبنان، وكانت لي لقاءات مع الفنان محرم فؤاد أيضاً.
– حدثني عن مشروعك صوت الفنان الأسترالي العربي..
– بدأت هذا المشروع غير الربحي، لكي أحيي التراث القديم من زمن الفن الجميل بين الجاليات العربية في أستراليا، أمثال الفنان فريد الأطرش والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وكوكب الشرق أم كلثوم والفنان محمد رشدي، فبدأت هذه المؤسسة أولاً في منطقة ياغونا، ثم نقلت المشروع إلى منطقة غيلفورد والتقيت بعدة شخصيات تحب الفن القديم وبدأنا نتبنى المواهب الشابة من الفنانين والفنانات، وكانت لنا لقاءات منتظمة لعمل احتفال صوت الفنان الأسترالي العربي وكان يشاركنا العديد من الفنانين الأستراليين من الجاليات العربية.
– كلمة أخيرة ولمن توجهها؟
– أوجه الشكر لجريدة أستراليا اليوم التي كانت تقوم كثيراً بالتغطيات الإعلامية لحفلات صوت الفنان الأسترالي العربي.
كما أوجه كلمة لكل الفنانين من هذا الجيل وأقول لهم .. تمسكوا بتراث زمن الفن الجميل، لأنه هو الأساس الذي بنيت عليه كل الفنون الأصيلة.. ولا تنسوا دعواتكم لي بالشفاء.