
نزهة في صخرة معلقة – ثقافة وفنون
قبل خمسين عامًا، بلغت حركة سينمائية تُعرف باسم “الموجة الأسترالية الجديدة” ذروتها، وما زال تأثيرها قائمًا حتى اليوم. فيلم “نزهة في صخرة معلقة”، الذي صنفته مجلة “تايم آوت” كأفضل فيلم أسترالي على الإطلاق، يحتفل حاليًا بمرور نصف قرن على إنتاجه. يتم عرض نسخة مرممة من الفيلم في مدن أمريكا الشمالية، كما يتم العمل على اقتباس مسرحي للرواية الأصلية في سيدني.
سحر الفيلم وغموضه المستمر
إن الإعجاب المستمر بالفيلم ليس مفاجئًا، فهو عمل غامض ومثير للرهبة بأسلوبه الساحر. تدور قصته حول مجموعة من فتيات المدارس في العصر الفيكتوري يختفين أثناء نزهة ممتعة. ومنذ البداية، يثير الفيلم تساؤلات: هل حدثت هذه القصة الغريبة فعلاً؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الذي جرى حقًا؟
هذا الارتباك لم يكن مقصورًا على الجمهور، فقد اعترف المخرج بيتر وير، المرشح لست جوائز أوسكار والفائز بجائزة الأوسكار الفخرية لعام 2022، بأنه سأل مؤلفة الرواية، جوان ليندسي، عما إذا كانت القصة حقيقية. لكنه لم يحصل على إجابة قاطعة، مما أضفى على الفيلم مزيدًا من الغموض.
صناعة السينما الأسترالية: البداية والنهضة
يجادل العديد من الباحثين بأن أول فيلم روائي طويل كان إنتاجًا أستراليًا، وهو “قصة عصابة كيلي” عام 1906. وعلى مر السنين، استمرت صناعة الأفلام في أستراليا بشكل متقطع. ومع ذلك، بحلول الخمسينيات والستينيات، أصبح الإنتاج المحلي نادرًا، في حين زادت الأفلام البريطانية والأمريكية المصورة في البلاد.
في أواخر الستينيات، كانت صناعة السينما الأسترالية شبه منعدمة. وهنا تدخلت الحكومة الأسترالية، حيث أنشأت لجنة لدعم الإنتاجات المحلية، مما أدى إلى ظهور أعمال سينمائية مبتكرة غيرت المشهد تمامًا.
أفلام محورية في الحركة السينمائية
ظهرت أولى العلامات البارزة للموجة الجديدة عام 1971 بفيلمين مؤثرين: “تجوال” و**”استيقظ في رعب”**. وقد ترك هذان الفيلمان بصمة واضحة، إذ يُعتبران مصدر إلهام لكثير من الأفلام الأسترالية اللاحقة.
- “تجوال” يحكي قصة فتاة وشقيقها الأصغر، اللذين تقطعت بهما السبل في البرية، حيث يعتمدان على مرشد من السكان الأصليين للبقاء على قيد الحياة. رغم أنه قد يحتوي على صور نمطية، إلا أنه كان تمثيلًا نادرًا آنذاك.
- “استيقظ في رعب” يتخذ منحى أكثر قتامة، حيث يصور كيف يمكن للبرية أن تحول الناس إلى سكارى وعنيفين. هذا الفيلم المتوتر والمجنون يُظهر بدايات حركة “أوزبلويتيشن”، التي ميزت العديد من الأفلام الأسترالية.
التأثير العالمي للموجة الأسترالية الجديدة
من الجدير بالذكر أن مخرجي هذين الفيلمين لم يكونوا أستراليين. فقد كان نيكولاس رويج، مخرج “تجوال”، بريطانيًا، بينما كان تيد كوتشيف، مخرج “استيقظ في رعب”، كنديًا. ورغم ذلك، ساهم كلا الفيلمين في وضع أسس جديدة للسينما الأسترالية.
مع مرور العقود، استمرت السينما الأسترالية في تقديم أعمال رائدة، من بينها “مغامرات بريسيلا، ملكة الصحراء”، وسلسلة “ماد ماكس”، التي أصبحت رمزًا عالميًا. إن تأثير الموجة الأسترالية الجديدة لا يزال حاضرًا في العديد من الأعمال السينمائية حتى يومنا هذا.