بقلم / مينا شاكر
من أصعب الأمور التي تُصعِّبُ الحياة لدى بعض الناس، هو عدم وجودهم في مكانهم المناسب لطاقتهم وشغفهم في الحياة وطباعهم وظروفهم.
في مقال سابق لي تكلمت في موضوع كان عنوانه (كوباً وبرميلاً)
كانت الفكرة الرئيسية فى هذا المقال تشير أنه لا يمكن لنا أن نلوم الكوب أنه ليس برميلاً أو نحتقره لأنه لا يستوعب نفس كمية المياه التي يستوعبها البرميل.
ببساطة لأن البرميل لديه حجماً يؤهله لتحمّل هذه الكمية، حيث يختلف وضعه عن الكوب الصغير.
ولذلك قد تفشل بعض المؤسسات وتخسر انتماء موظفيها ويثيرون سخطهم حينما يضغطون على موظفيهم بشكل لا يتوافق مع قدراتهم وطاقاتهم كبشر .
ويطالبونهم بالمزيد من الجهد لصالح الربح للمؤسسة فقط، دون النظر لظروف موظفيهم، يعطونهم المهام حتى وإن لم يكن لديهم القدرة وحتى وإن لم يخضع هذا لعلم المنطق على الأقل، على هذه المؤسسات أن تعرف ما مدى احتمال الشخص الطبيعي للمهام ولا تفترض أن الجميع حالات استثنائية خارقة فى القدرة على تحمل الضغط والمشقة، فنحن بشر فى النهاية ولسنا روبوتات.
والأعجب فى الأمر أن هذه المؤسسات أيضاً قد لا تعطي الحافز المشجع لهذه المهام معنوياً أو مادياً، مما يجعل الأمور تؤول لوضع لا يحتمل بالنسبة للموظف
فيكره المؤسسة وتخسر المؤسسة شعور موظفيها بالانتماء للشركة أو المؤسسة أياً كانت طبيعة العمل بسبب شعور الموظف بالضجر من العمل أو الظلم والأفتراء فيكره حياته بأكملها.
فقط لأن مجموعة من الإداريين يفترضون أن الجميع لدى الموظفين يؤهلهم للعمل كبرميل.
ولأنهم فضلوا المادة عن الإنسان.
ولذلك أقول: “ستموت الإنسانية بالكامل يوماً ما إذا استمرت هذه النُظم في إعتبار الإنسان ترساً فى آلة”، حتى الترس لا بدّ من مراعاته وتشحيمه أو تليينه بشكل كافٍ، حتى لا يتلف من كثرة الاحتكاك.
كذلك السيارات والمحركات لا بدّ من متابعة زيوتها باستمرار حتى لا تتلف.
ولا شك أن الإنسان أفضل من تروس كثيرة فنحن بشر لنا احتياجات أكثر تعقيداً من التروس.
فإذا تلف الترس فعلى الأقل لن يكون له أسرة تتأثر لتلفه ولا حياة ستظلم وتضطرب ولا إله سيشكوا له الظلم الذي وقع عليه.
ولكن بالنسبة للمؤسسة فهى ترى شيئ مشترك بين الترس والموظف، فكلاهما يمكن استبداله عند التلف، بشحوم وزيوت أقل (راتب أقل).
اما الترس ليس له بديل عند ذاته (صحته) أو أسرته.
يرعاك الله يا عزيزي الترس إذا كنت موظفاً.