لا يبقى الانسان جميلا – أستراليا اليوم
بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق
رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي العربي الأسترالي
Edshublaq5@gmail.com
غالبا ما يبدأ المشهد من غرف النوم والخاصة بأي إنسان، فهي التي تحتوي ( في معظم الأحيان ) على أدوات التجميل من عطورات ومساحيق ومرطبات وكريمات للشعر والبشرة وكل ما يؤدي الى تجميل وصيانه جسم الانسان وخصوصا في ريعان شبابه ( ذكرا كان أم أنثى و حديثا يمكن إدخال ال LG++ معهم !) وقد تستمر الأمور لسنوات قليله أو عديده يتمتع بها الانسان بشبابه وصحته ومن ثم قوته والمقصود بالجمال هنا ليس الحلاوة أو الشكل الخارجي للوجهة وتناسق الجسم وقوامه بل يتعدى ذلك لجمال المعشر وجمال الروح والخلق والصفات الأخرى التي يتحلى بها المرء وسواء كان ابيض البشرة أم عكس ذلك وسرعان ما يتغير المشهد وفي غضون سنوات قليله لتحل المسكنات والأدوية و البراهم وكريمات ( الفكس وأبو فأس والنمر ) بالإضافة الى تشكيله لطيفه من حبوب زاهيه الألوان لعمليات الخفض والرفع وما شابه محل الروائح الذكية التي كانت تخرج من نفس الادراج والارفف وفي غرفه النوم ذاتها وبشهاده ( المراية ) أو المرآه نفسها وبالرغم من قدمها الا أنها وضحت معالم الكبر والهرم من خلال تجاعيد الوجه والرقبة وغيرها من أعضاء الجسم ذات الصلاحية المحدودة والتي ربما لا تتعدى المائة والعشرون عاما على أقصى حد ( سجلت لحد الان في عمر الانسان في زماننا هذا والله اعلم !).
في سن الستين ( كمتوسط عمري وبالذات في بلاد الغرب ) يبدأ الانسان في خساره العديد من الصفات الجسدية ومن ثم النفسية ( الإحباط والاكتئاب مثلا ) والتي حباه الخالق لمخلوقاته في هذه الأرض والتي فعلا صمم لها للعيش، فلم يكن ليصنع من ماده أو عنصر كالحديد أو الصلب مثلا ليصمد طويلا ( مئات السنين ) أو غيرها من المواد ذات الاستدامة العالية Highly sustainable انما تم خلق بني أدم ( الكائن أو المخلوق البشري) ليعيش على هذه الأرض من مكوناتها البيئية المحيطة بها من طين ( ماده صلصاليه clay بسيطة التشكيل ) وماء وعظام ولحم ودم والتي غالبا ما تتحلل مع الزمن المحدد لها وبأمر صانعها أو خالقها وهو الذي يعلم تماما مدى صلاحيتها على الأرض ( سبحانه)، وفي ذك العمر غالبا ما يفقد الانسان الكثير من أصدقائه وأحبابه المقربون اليه من أهل واولاد وأزواج لتبدأ رحلة الحزن والالم لتستمر معه حتى نهاية حياته الدنيوية وينتقل اليهم بعد ان شاء الله في رحله الآخرة.
هذا الانسان غالبا ما يحرص على التذاكي (باستخدامه للذكاء الطبيعي أو الاصطناعي ) وبشكل مستمر ليقاوم التغيرات التي حلت به والتي لا مفر منها ولكل بني البشر وبدون استثناءات فلا العمليات التجميلية ولا العقاقير والمنشطات وغيرها تجدي نفعا، وما كتب قد كتب فلنحرص على تذكر الثوابت الحقيقية في هذه الرحلة القصيرة والقصيرة جدا من عمر الانسان وان كنتم من المؤمنين حقا يهودا أو نصارى أو مسلمين فلن ينفعكم الا العمل الصالح فجسدك القوي والمتناسق ( هو/ وهي / وهن ) سيضعف ويبلى وشكلك الجميل سيهرم ويفنى وكل شيء في حياتك قد تم تسجيله بالصوت والصورة وسيعرض عليك لاحقا ومع إحضار الشهود لو أحببت. فلا تخسر دنياك ولا أخرتك والله المستعان.