شارك مع أصدقائك

(الأخوة نايفة)

 بقلم: أ.د / عماد وليد شبلاق

رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا

ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي

وعضو الهيئة الإدارية بمجله عرب أستراليا  

Edshublaq5@gmail.com

 

بعد أن استعرضنا في الحلقة السابقة (1/5) شخصية الدكتور المصري الفذّ عالم الفيزياء والرياضيات الدكتور علي مشرفة يرحمه الله والذي توفي في العام 1950، نكمل اليوم في حلقتنا الثانية باستضافة 4 أشقاء من نفس الأسرة.

في قرية شويكة قضاء أو مدينة طولكرم بفلسطين ولد لتاجر الزيتون حسن نايفة وزوجته خضرة أربعة من النجوم تلألأت في سماء الفضاء الكوني وهم علي ومنير وعدنان وتيسير نايفة (الأخوة نايفة) الفلسطينيون الأردنيون الأمريكان حسب تسلسل جنسياتهم.

البروفيسور علي حسن نايفة:

ولد الدكتور علي في ديسمبر 1933 ودرس في ثانوية (الفاضلية) بالقرية نفسها وبعد تخرجه عمل معلماً في مدارس الأردن حتى حصل على منحة دراسية من إحدى الجامعات الأمريكية المرموقة عالمياً (ستانفورد) نتيجة تفوقه العلمي حيث أكمل دراسة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه (الهندسة الميكانيكية) في أربع سنوات ونصف ولأول مره في تاريخ الجامعة.    

قدم نايفة أكثر من 655 عرضاً في مؤتمرات علمية وهندسية عالمية ولقد تم تكريمه بثلاثة شهادات دكتوراه فخرية من روسيا وبولندا وألمانيا (جامعه ميونخ).

أما إسهاماته العربية فهي كثيرة أيضاً فقد أسس كليه الهندسة بجامعه الملك عبد العزيز في جده عام 1976 وقد قاد فريقاً لذلك من 35 عضواً للهندسة في أمريكا بما في ذلك أساتذة وعمداء من جامعات (إم آي تي) وهارفارد وستانفورد وبيركلي ومعهد فيرجينيا للتكنولوجيا كما أسس كليه الهندسة في جامعه اليرموك في إربد بالأردن ولقد تخرج تحت إشرافه 98 طالبا وطالبة من درجة الدكتوراه وما بعدها في الهندسة والفيزياء والرياضيات.

ولقد تم تكريمه بأرفع جائزة تقدم في حقل الهندسة الميكانيكية (جائزة بنجامين فرانكلين) علماً بأن هذه الجائزة قد حصل عليها عالم الفيزياء المشهور والفائز بجائزة نوبل ألبرت آينشتاين.     

البروفيسور منير حسن نايفة:  

الشقيق الثاني للدكتور علي (يرحمه الله – العام 2017 وكنت قد قابلت الدكتور علي في العام 2015 في الجامعة الأردنية حيث كان يعمل مستشاراً لرئيس الجامعة عن عمر يناهز ال 83) وقد ولد في نفس القرية في عام 1945 وقد غادر للأردن لاستكمال دراسته الثانوية ومن ثم إلى لبنان للحصول على درجتي البكالوريوس والماجستير من الجامعة الأمريكية ببيروت في الأعوام 1970و 1968 نال بعدها منحةً دراسيةً من جامعه ستانفورد الأمريكية لدراسة الدكتوراه في حقل الفيزياء الذرية وعلوم الليزر.

تمكن نايفة (منير) من الإجابة على استفهام هام طرحه عالم الفيزياء الشهير ريتشارد فاينمان في العام 1959 حيث تساءل ماذا سيحدث لو استطاع الإنسان التحكم في حركه ومسار الذرة؟ وقد نجح نايفة في اعادة ترتيب مواضعها في أقل من 20 عاماً حين نجح في تحريك الذرات منفردة ذرة ذرة، حيث رسم صوره لقلب داخله حرف P باستخدام الذرات المفردة حيث كانت ترمز لبلده الأصلي فلسطين.

نشر الدكتور منير أكثر من 130 بحثاً ومقالاً علمياً وشارك مع آخرين في إعداد وتأليف العديد من الكتب والتقارير في علوم الليزر والهندسة الكهربائية والمغناطيسية وورد أسمه في العديد من موسوعات المشاهير الأمريكية والعالمية ويرى العلماء بأن اكتشافات نايفة الثورية قد اتاحت للعلم الدخول إلى منطقه لم يسبق له الدخول فيها من قبل ويمكن استنتاج ذلك من خلال المقارنة بـ ” المايكرو تكنولوجي” التي أنتجت أجهزه الكمبيوتر والترانسيستور  وكل المعدات الإلكترونية الحالية والتي  سوف تزيد من كفاءة الأداء ما بين 100 مليون و10 الاف مليون مرة على الطرق التقليدية.

يرأس الدكتور منير نايفة شبكة العلماء والتكنولوجيين العرب في الخارج (1992 -) بالإضافة الى العديد من المؤسسات العربية والعالمية في مجال الأبحاث والعلوم التقنية.

البروفيسور عدنان حسن نايفة:  

 الشقيق الثالث للدكتور علي وقد ولد في نفس القرية بفلسطين ويحمل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه في هندسه الطيران والميكانيكا من الولايات المتحدة، ويعد نايفة من أهم علماء الهندسة الميكانيكية في العالم، كما عمل في وكاله الفضاء الدولية NASA وعدد من المؤسسات الحكومية والصناعية والعلمية في الولايات المتحدة وقد شارك مع العديد من رواد الفضاء ومنهم نيل أرمسترونج (أول من صعد إلى القمر).

عمل رئيساً لجامعة الزرقاء ونائب لرئيس جامعة الإسراء بالأردن وقد سبق وأن عمل عميداً لكليه الهندسة في دولة قطر ويعتبر الدكتور نايفة من الخبراء الدوليين في مجال الجودة والاعتماد الأكاديمي لبرامج التعليم العالي ومستشار الجودة والاعتماد الأكاديمي لعدد من الجامعات الفلسطينية والأردنية، والسعودية، والقطرية، وغيرها.

البروفيسور تيسير حسن نايفة:

ولد الدكتور تيسير الشقيق الرابع والأصغر للأخوة العلماء نايفة (يرحمه الله – العام 2022) في الأردن تاريخ 6 اكتوبر 1951.

غادر عام 1969 إلى الولايات المتحدة وأكمل عام 1970 تعليمه الثانوي هناك ومن ثم التحق بجامعه فيرجينيا التقنية حيث حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء ومن ثم الدكتوراه في عام 1993 في الهندسة الصناعية وهندسه النظم من نفس الجامعة وفي عام 1993 باشر العمل كأستاذ مساعد للهندسة الصناعية في جامعه كليفلاند.

يحمل البروفيسور نايفة العديد من براءات الاختراع الهامة والمسجلة رسمياً باسمة ومن أهم الجوائز:

  • جائزة (شلمبرجير) للمديرين المتميزين.
  • جائزه اتحاد المواد المحسنة بالنانو كربون والرابطة الدولية للنحاس ICA وهو عضو في معهد المهندسين الصناعيين والجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

طبعا (وكما قلنا في الحلقة السابقة) لن نقوم باستعراض أو سرد السير الذاتية التفصيلية للضيف / الضيوف من الشخصيات، ولكن هي لمحات بسيطة (قمت بعمل الكثير من الاختصارات في جميع السير الذاتية نتيجة طولها وعظمتها) نحلل بها بعض الوقفات والتي لها علاقة بأهداف السلسلة ومنها:

الحلم الفلسطيني تحقق في أسرة (الفلاح البسيط وتاجر الزيتون حسن نايفة وزوجته خضرة) ومن حب الفيزياء والرياضيات في مدرسه القرية إلى أعلى مستويات العلوم والتقنيات في أرقى الجامعات الأمريكية والعالمية.

يبدوا أن هناك علاقة (وكما يشاع بين الفلسطينيين أنفسهم) بأهمية الزيت والزيتون في الجسد الفلسطيني فيتضح بأن العائلة بأكملها قد اتجهت لحب العلم والتفوق الدراسي ومنذ البداية في مدرسه القرية بطولكرم.

الاستثمار الفلسطيني في العلم والتعلم هما الرباط المقدس للشخصية الفلسطينية وربما ذكرت الإحصائيات ذلك وقد برزت في أكثر المجالات إبداعا للشخصية وهي (التدريس بجميع أنواعه وكذلك الهندسة بجميع فروعها).

التكاتف والتراحم في الأسرة الواحدة، فمن المؤكد أن علي نايفة الشقيق الأكبر قد ساعد جميع أخوته للحاق به إلى لولايات المتحدة ومهّد لهم وشجعهم (كما هو الحال في أحوال الفلسطينيين على مدى معاناتهم التاريخية ومنذ العام 1948) لمواصلة تعليمهم، وبل تفوقهم وأبنائهم وأحفادهم لتبقى أسرة حسن نايفة ممتدة لسنين طويلة وفّقهم الله.

هناك المئات وربما أكثر من ذلك بكثير من العلماء والمهندسين العرب المبدعين قد استفادوا من عبقريه أولاد نايفة على مدى الثلاثين عاماً الماضية.

وأخيراً ربما لم نعط هؤلاء العباقرة الأشقاء الأربعة (نايفة) حقّهم في الإعلام وخصوصاً للشعب العربي عامةً والفلسطيني خاصةً، ولكن من المؤكد أن الباحثين والمختصين من أهل البحث العلمي قد لمسوا إنجازاتهم بشكل أو بآخر وقد يكون هذا محفزاً لنا جميعا الآن وبعد أن فقدنا الأخ الأكبر (علي) والأخ الأصغر (تيسير) يرحمهما الله.        

بالرغم من القدرات الفردية الهائلة لهؤلاء الخبراء والعقول المضيئة إلا أن الحكومات العربية لم تستفد منهم إلا في مجال التدريس والنشر الأكاديمي ولم تسخر قدراتهم (كما هو الحال في موطنهم الثالث وخصوصاً في مجالات الذرة والفضاء وعلوم النانو).

 يبدوا أن هناك خلل في منظومه الذكاء والعبقرية لدى العلماء العرب فعدم وجود (نظام مؤسساتي حكومي أو خاص في الدول العربية المستضيفة لهم) جعلهم من طبقه الكادحين تبحث عن قوت يومها المعيشي ومواجهة متطلبات روتين الحياة اليومي وتبعاته وتشغلهم عن أهدافهم السامية لخدمة وطنه وأمته بشكل محترف وراقي.   والذي أكتسبه في الولايات المتحدة وبقية أنحاء العالم. 

ما ينبغي علينا اليوم هو التعلم والاستفادة من تجارب المثابرة والإصرار للوصول إلى أعلى المراتب وخصوصاً في الغرب.

فالعالم اليوم أصبح قرية صغيرة وبالإمكان لأي فرد ومن منزله أن يخاطب الفضاء والأقمار الصناعية.

ومرة أخرى نذكر: 

لا بد لعلماء اليوم الناشئين من صغار الباحثين والدارسين في الجامعات والمراكز البحثية أن يواصلوا مسيرة العلماء الذين غرسوا حب العلم والتعلم في نفوس الآخرين للنهوض بمستوى الأمه واللحاق بركب الحضارة المتسارع في شتى مجالات العلوم والتكنولوجيا حيث تقاس الأمم بإنجازاتها وتفوقها في خدمة ورعاية الإنسان واستمراريته.

وإلى الحلقة الثالثة بمشيئة الله والله المستعان.