شارك مع أصدقائك

بعد مرور ثلاثة وثمانين عامًا على قصف داروين – أكبر هجوم أجنبي منفرد على الأراضي الأسترالية – يؤكد الخبراء أن هذا الحدث شكل نقطة تحول في تحالف أستراليا مع الولايات المتحدة.

في 19 فبراير 1942، بينما كانت ألمانيا النازية في ذروة قوتها، شنت القوات اليابانية غارات جوية على ميناء ومرفأ داروين، مما أدى إلى مقتل 252 شخصًا. ويتم تنظيم فعالية تذكارية سنوية في داروين لتكريم أرواح الضحايا.

أثار القصف صدمة كبيرة في أستراليا، مؤكدًا الحقيقة المروعة التي أدركتها البلاد خلال الحرب العالمية الثانية: لم يعد بإمكانها الاعتماد على الإمبراطورية البريطانية للحماية.

يقول جون بلاكسلاند، مدير مكتب الاتصال في أمريكا الشمالية بالجامعة الوطنية الأسترالية، إن القصف عزز المخاوف الأسترالية وأعاد ترتيب أولوياتها. وأضاف: “لم نعد نستطيع الاعتماد على البريطانيين كضامن أمني، بل أصبح علينا تحمل المزيد من المسؤولية والبحث عن قوة عظمى أخرى تدعمنا”.

بحلول ذلك الوقت، كان التحالف مع الولايات المتحدة قد بدأ في التبلور، خاصة بعد الهجوم الياباني على بيرل هاربر قبل شهرين فقط. ووفقًا للمؤرخ جاريد أرتشيبالد، فإن نحو نصف ضحايا قصف داروين كانوا من الطيارين والبحارة الأمريكيين.

تحالف قائم على المصالح المشتركة

في السنوات الأخيرة، عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري في الإقليم الشمالي الأسترالي. حيث يخضع ما يصل إلى 2500 جندي من مشاة البحرية الأمريكية لتدريبات لمدة ستة أشهر سنويًا في داروين إلى جانب قوات الدفاع الأسترالية.

كما تستضيف قاعدة “تنيدال” الجوية بالقرب من بلدة كاثرين الإقليمية بعضًا من أحدث الطائرات العسكرية الأمريكية، بالإضافة إلى تشغيل الولايات المتحدة لمنشأة الاستخبارات السرية “باين غاب” قرب أليس سبرينغز.

يقول بيتر دين، مدير السياسة الخارجية والدفاع في مركز الدراسات الأمريكية بجامعة سيدني، إن صعود الصين كقوة عظمى يشكل تهديدًا متزايدًا لمكانة أستراليا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وأضاف: “تأمل أستراليا من خلال شراكتها مع الولايات المتحدة ودول أخرى في جنوب شرق آسيا والمحيط الهادئ أن تحقق توازنًا في القوى في المنطقة”.

من جانبه، أوضح ديفيد فالانس، الباحث في برنامج الأمن الدولي بمعهد لوي، أن الموقع الجغرافي لأستراليا يجعلها “شريكًا جذابًا للغاية”، مضيفًا أن أي عملية عسكرية كبرى لنقل القوات بحرًا إلى أجزاء من جنوب شرق آسيا ستنطلق على الأرجح من داروين.

وفي الذكرى الثالثة والثمانين للقصف، صرح نائب رئيس الوزراء الأسترالي ريتشارد مارلس لإذاعة ABC داروين بأن “داروين هي القلب الاستراتيجي لأستراليا وأحد أصولها الوطنية المهمة”.

مستقبل التحالف في ظل التغيرات السياسية

لكن الخبراء يحذرون من أن التغيرات السياسية في الولايات المتحدة، لا سيما مع احتمال عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، قد تؤثر على التحالف. وقال البروفيسور دين: “الرئيس ترامب يختلف كثيرًا عما اعتدنا عليه في الرؤساء السابقين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين. ولكن هذا لا يقلل من أهمية الولايات المتحدة من الناحية الاستراتيجية والعسكرية”.

وفي ظل تصاعد حالة عدم الاستقرار العالمي، يرى فالانس أن من الضروري التذكير بيوم وصل فيه لهيب الحرب العالمية الثانية إلى الأراضي الأسترالية لأول مرة، قائلًا: “كان قصف داروين أول مرة تتعرض فيها أستراليا لهجوم من قبل قوة أجنبية. وعلى الرغم من الأمان الذي توفره جغرافيتنا، لا ينبغي أن نكون متهاونين بشأن أمننا القومي”.

المصدر: