بدأنا نخاف على الصوت، بينما نراقب استطلعات الرأي المختلفة، التي تظهر تراجعاً في التأييد لتعديل الدستور الأسترالي، بحيث يتضمن فقرة تنصّ على الاعتراف بالشعوب الأولى في أستراليا، من خلال إنشاء صوت للسكان الأصليّين وسكان جزر مضيق توريس.
سيمضي الشعب الأسترالي في يوم 14 تشرين الأول المقبل إلى صناديق الاقتراع، ليدلي بصوته، نعم أو لا، على الصوت الذي يعتبره البعض حقّاً من حقوق السكان الأصليين، بعد أن حُرموا تاريخيّا، وتعرضوا لاضطهاد في الماضي. بينما يعتبره البعض الآخر عامل انقسام. وبالطبع فإن حزب العمال والخضر، في الغالب، يؤيدون التصويت بنعم، بينما الحزب الوطني وحزب الأحرار، يقفان موقفاً مغايراً، في العموم، مع وجود أصوات أحرارية عريقة، مثل مالكولم تيرنبول وجولي بيشوب، تدعو إلى التصويت بنعم.
والاستفتاء المرتقب هو أول استفتاء في أستراليا منذ عام 1999، وسيُطلب من الأستراليين التصويت على السؤال التالي:
قانون مقترح: تعديل الدستور للاعتراف بالشعوب الأولى في أستراليا من خلال إنشاء صوت للسكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس.
هل توافق على هذا التعديل المقترح؟
0الإجابة بـ نعم أو لا.
ولا بد من الإشارة إلى أنّ تفاصيل هذا النص بقيت، حتى الأمس القريب، غير واضحة لملايين الأستراليّين. وكانت المعارضة، خلال الأشهر الماضية، تدعو رئيس الوزراء أنتوني ألبانيزي، للإفراج عن النص. وقد يكون هذا التأخير -التحفظ على النص المقترح ، عاملاً سلبياً أدى إلى تراجع نسبة الموافقين، من أعلى مستوى في آذار وحزيران الماضيين إلى أدنى مستوى خلال الشهر الحالي أيلول، فيما كان زعيم المعارضة بيتر داتون ،ينجح في استغلال هذه الثغرة، ويضرب حديداً حامياً في الظرف المناسب.
وإحدى الصعوبات التي ستواجه الحكومة في الترويج للصوت، هي شرط الأغلبية المزدوجة، أي أن نجاحه يتطلب تصويت أغلبية الناخبين بنعم على المستوى الوطني، كما يتطلب الحصول على تصويت أغلبية الولايات، بمعنى أن أربعاً من أصل ست ولايات يجب أن تحصل على أغلبية الأصوات بنعم أيضاً.
وأظهر آخر استطلاع أن عدداً أكبر من الأستراليين يعتزمون التصويت بـ “لا” في الاستفتاء، مع العلم أن مجموعة كبيرة من المشاركين في الاستطلاع إما هم مترددون أو ما زالوا غير متأكدين بشأن كيفية الإدلاء بأصواتهم.
وشمل أحدث استطلاع لـ”غارديان إسنشيال”، 1151 شخصًا، وذلك مباشرة بعد الإطلاق الرسمي لحملة التصويت بنعم من قبل الرئيس ألبانيزي، في أديلايد الأسبوع الماضي. وتشير النتائج إلى أن 48% يعتزمون التصويت بلا و42% يعتزمون التصويت بنعم، و10% غير متأكدين. وفي الشهر الماضي، كانت نسبة “لا” متقدمة على “نعم” بنسبة 47% مقابل 43%.
ولو عدنا إلى استطلاع “إسنشال” في 11 حزيران الماضي، سنجد أن 62 في المئة سيصوتون بنعم في نيو ساوث ويلز وفيكتوريا، و57 في المئة في كوينزلاند، و53 في المئة في جنوب أستراليا، و52 في المئة في أستراليا الغربية.
الهبوط إذن في شعبية الصوت مخيف. وإذا سقط في الصناديق، سيؤدي إلى كارثة حكومية، وقد تسقط الحكومة العمالية نفسها، وهي تعاني أيضاً من هبوط في شعبيتها. ففي أيار الماضي، كانت الموافقة على أداء ألبانيزي بحدود 54 في المئة، لكنها الآن وصلت إلى 46 في المئة فقط، وهناك 43 في المئة لا يوافقون على أدائه.
ويبقى الأمل معلقاً على الماكينة الدعائية العمالية، التي يجب أن تُقنع من لم يحسموا قرارهم بعد، بالتصويت بنعم. ونلاحظ أن هذه الماكينة ليست في مستوى الحدث.
وأمام هذا الواقع من الحيرة وعدم اليقين، نجدنا نضع أيدينا على قلوبنا، ونخشى أن يضيع الصوت وتضيع معه جهود وخطط وآمال معقودة، وتكاليف مالية كبيرة. ويقع حزب العمال وحكومته في ورطة الفشل، والخسارة المزدوجة.
ج.د.