كلمة رئيس التحرير / سام نان
الكبرياء هو ارتفاع في القلب، عندها يشعر الشخص ليس أنه كبير في عيني نفسه فحسب، ولكن أنه أكبر من الآخرين وأعظم منهم، أي أن الشخص المتكبر يرى نفسه دائماً أعلى من الآخرين وأفضل منهم.
فالكبرياء ما هو إلا عجرفة في المظهر تظهر على الملامح في طريقة الكلام، حيث يتكلم المتعالي بطريقة فوقية، وكثيراً ما يكرر في كلامه كلمات الكبرياء التي لا يشعر بها في نفسه ويعتبرها كلمات عادية، مثل: كرامتي، عزة نفسي، شخصيتي، ويكرر في كلامه أيضاً كلمة «أنا) بنوع من التعالي، وينظر في عظمة، أو يجلس في عنجهية وفي النهاية يقول أن متواضع.
من هذا المنظور ينتظر المتكبر من الآخرين أن يروه كبيراً بنفس القدر الذي يرى هو نفسه به، وعندما لا يحدث ذلك، تجده يعلن عن كراهيته لهذا الشخص الذي لم يره كبيراً وعظيماً ويعامله على أنه لا يستحق معرفته.
ولكن ما نتيجة هذا الكبرياء والشعور بالذات؟
قال سليمان الحكيم: قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط: تشامخ الروح.
فالشخص المتكبر سيذله كبرياؤه ويكسره وبالتالي سيسقط في سلسلة من الأخطاء حتى يدمر نفسه بنفسه.
ماذا لو تعظمت النار، بالتأكيد ستأكل نفسها وستنطفئ مهما كانت عظمتها ومهما كان كبرياؤها.
ربما يكبر الإنسان في عيني نفسه من أجل مركزه، أو غناه، أو قوته، أو ذكائه، أو علمه، أو شكله وجماله، أو أناقته. أو قد يكون سبب كبريائه، ما حباه به الله من نعم أو مواهب، كالمواهب الفنية، أو القدرات الشخصية، أو بسبب مكانته العائلية.
يا صديقي، إن الشجرة المحملة بالثمار تنحني أغصانها إلى أسفل بسبب ثقل ما تحمله من ثمر. أما الشجرة التي بلا ثمر، فإن الريح ترفع أغصانها إلى فوق بسبب خفتها.. وهكذا فالممتلئون يكونون دائمًا متضعين أما الفارغون فيرفعون!
إن المفروض هو أن يتضع الإنسان، حتى لا يكسره كبريائه.
وإذا تكبر أحد بسبب قوته أو قدرته، فإن الله قد ينزع منه القوة والقدرة، لأنه لم يعط المجد لله وإنما لنفسه..
أنصحك يا صديقي، لا تنتظر أن يصفق لك الناس على كبريائك، ولا تنتظر مديحهم بأن يقولوا عنك أنك مكرّم، بل سيقال عنك أنك متكبر وعنيد، وبالطبع لأنك متكبر فستقول أنك لا يهمك صورتك أمام الناس أو ماذا يقول الناس عنك، وقد تعاند وتبقى مختبئاً تحت مظلة الكبرياء، وفي النهاية أنت الذي ستدفع الثمن عندما يتخلى عنك الناس وتجد نفسك وحيداً.
اترك كبرياءك جانباً يا صديقي وانحنى لنصائح الآخرين الذين يحبونك ويريدون في أبهى صورة، ليس كما يحسن في عينيك، بل كما يحسن في عين الله أولاً وفي عين محبيك ثانياً.
لا تتوقع مديح الناس عندما يرونك عنيد في آرائك ظناً منك أنك على حق، كُن عجينة طيعة لكي تتشكل كما يحلو للسماء ويرضي المحبين من حولك، ولا تنسى أن العناد كالوثن والترافيم.
فأنا ما من مرة حاولت أن أدافع عن نفسي، قد أقول أنا معذور، قد أقول كنت مندفعاً، قد أقول فلان استفزني، ولكنني لا أقول أبداً أنني على حق، فالآخرين قد يعنفوني على ما فعلته، وعندئذ لا يجب أن التفت إلى كبريائي، بل علي أن اتضع، لأن الآخرين يكلمونني عن مصلحتي لأنهم يريدونني في أحسن صورة ويريدون لي الخير، فعلي أن أترك كبريائي، وتكون لي آذان صاغية لنصائح الآخرين، حتى لو لم يعجبني كلامهم، أو كان كلامهم سيكسر كبريائي.
فاملأ أغصانك بالثمار حتى تنحني وتتضع، ولا تكن فارغاً لكي تعلو وترتفع.
وتذكر أنني أقول لنفسي ولك دائماً (إن كنت حكيماً، فأنت حكيمٌ لنفسك، وإن استهزأت، فأنت وحدك تتحمل).