كلمة رئيس التحرير / سام نان
تعودنا، عندما نسمع خبراً سيئاً عن احد الناس أو مصيبة حلَّت عليه، أن نبكي على حاله، وأحياناً نذهب إليه لنعزيه على ما أصابه من مكروه، ونحاول ان نختار الكلمات التي قد تكون بمثابة المخدر المؤقت، لعلها تقويه إلى حين، ولكننا نتركه بعد ذلك ليعيش مع آلامه، ونحن ننسى ما كان به بمجرد أن تركناه وحاله.
ولكننا لا ندرك ان حالنا أيضاً يُرثى له، فنحن لدينا مشكلاتنا التي نريد أن نجتازها وربما لم نتمكن من اجتيازها ونجد صعوبة في التعامل معها.
بل نريد ان نستعين بغيرنا لكي يساعدنا على حلّ مشكلاتنا، وإذا قام غيرنا بطرح اقتراح أو حاول أن يبصّرنا على أمورنا وما هي نقاط الضعف فينا لكي نصلح منها، ربما نكرهه، بل إننا نريد أن الآخرين يعطفون علينا ويقولون أننا مظلومون ومقهورون ونحتاج إلى الشفقة.
نعم.. هذه هي حقيقتنا، عندما ننظر إلى مشكلات الغير نجد أنفسنا مملوئين حكمة، ونبدأ في الوعظ والإرشاد، ولكن عندما نواجه مشكلاتنا الشخصية، لا نريد نصيحة ولا حكمة، بل نريد أن نجد من يبكي على حالنا، ويبدي لنا كلمات لتعزية نفوسنا.
فالإنسان بطبيعته لا يقبل النصح أو الإرشاد، خصوصاً إن كانت هناك محاولة تبصير على نقاط الضعف لكي يصلح منها.. بل يريد دائماً أن يسمع الكلمات: (أنت مظلوم، أنت مقهور، أنت مسكين، أنت على حق ولكن حقك مهضوم وسط أناس لا يعرفون معنى العدل).. هذه هي الكلمات المحببة، ولكنهم لا يحبون التبصير أبداً.
يا صديقي.. لا تبكي على حال الآخرين، ولا تكن مرشداً لهم، بل ابكِ على حالك أنت وفكر جيداً بسؤال: «هل أنا على حق» ولا تسرع بالإجابة وتقول: «نعم.. أنا دائماً على حق»، بل فكر، وأجلس أمام نفسك الحكيمة، وصارح نفسك بالحقيقة.. واعرف ما هي نقاط الضعف لكي تصلحها.
وبصّر نفسك إلى الطريق المستقيمة، وابدأ في فعل الإيجابيات الحكيمة، واصلح من نفسك، ولا تستكبر، لأن الكبر من صفات الشيطان، بل افترض دائماً انك قد تكون مخطئاً وتحتاج لعلاج نفسك بنفسك، حتى دون اللجوء إلى الآخرين لتأخذ مشورتهم، بل اسأل ضميرك وأنت في غرفتك بنفسك. وكن أميناً مع نفسك.. فلا تكن واعظاً للآخرين وأنت تحتاج لمن يعظك، ولا تبكي على حال الآخرين، بل ابكِ على حالك.. قم وانفض غبارك عنك واغسل عينيك لكي تبصر جيداً.