تحدثنا في المقال السابق علي ان الكتاب المقدس يسجل لنا ان السيد المسيح بكي ثلاث مرات، خلال أسبوع واحد او عشرة أيام علي الأكثر واذكر حضراتكم بالمواقف التي جعلت صاحب الجلالة يبكي وهي كالاتي:ـ المرة الأولى ـ عند قبر لعازر ونقدر نسميها الدموع الصامتة والبكاء كان من اجل شخص ـ هو لعازر يوحنا 11 : 33-35 ، المرة الثانية ــ عن دخوله اورشليم ونقدر نسميها الدموع المسموعة وكانت من اجل شعب اليهود، مت 23: 37، 38 والمرة الثالثة ـ بكاء المسيح في جثيماني ونقدر نسميها الدموع الصارخة وكانت من اجل العالم كله لو 22: 44 وعب 5 واليوم نتحدث عن دموع صاحب الجلالة من اجل اورشليم هل تعلم عزيزي القارئ معني اسم اورشليم هي كلمة عبرية مكون من مقطعين الأول اور والثاني شليم بمعني مدينة السلام : والحقيقة ان اسمها علي عكس فعلها مثلها مثل كثير من الأسماء. وحينما نظر صاحب الجلالة الي اورشليم وقال مقولته الشهيرة التي تعد من النبوات التي تمت وتحققت بالحرف الواحد وذلك بعد 40 سنة تقريبا من النطق بهذه النبوة وكان قلبه يعصر بالالم ودموعه تسيل بغزارة وهو يقول “يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا” (مت 23: 37، 38) والسؤال لماذا بكي يسوع علي اورشليم ؟ وذلك للأسباب الاتية: أولا يبكي علي ماضيها ـ ماضي اورشليم ملطخ بالدماء ، فهي قاتلة الأنبياء والمرسلين متي 23: 35 وسوف يأتي وقت العقاب والدينونة علي تلك المدينة التي امتازت بالأنبياء والرسل ولقد حذرهم السيد المسيح بان لن يهربوا من الغضب الاتي او من نار جهنم، فقال لهم سوف يطلب منكم كل دم زكي سفك على الارض من دم هابيل الصديق الى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه بين الهيكل والمذبح ويعد النبي زكريا هو اخر نبي سفك دمه قبل السيد المسيح. الحق اقول لكم: ان هذا كله ياتي على هذا الجيل! ثانيا يبكي علي حاضرها وقساوة قلبها لكونها رفضت رسالة المسيح ففي قوله كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! وقد هذا العناد من تلك المدينة عدة مرات الاولي في ميلاد السيد المسيح اضطربت كل اورشليم عند ولادته العجيبة يذكر انجيل متي 3:2 فلما سمع هيرودس الملك اضطرب وجميع اورشليم معه. ومن ثم رفضت تسبيح الملائكة المجد لله في الاعالي وعلي الأرض السلام وبالناس المسرة، فناحت اورشلم علي قتل جميع أطفال بيت لحم لقد رفضت سلام السماء فتابعتها لعنات الارض والرفض الثانية عند دخوله الانتصاري ارتجت عند دخول المسيح إليها بموكب مَلَكِي وبهتاف الجموع اوصنا في الاعالي مبارك الملك الاتي باسم الرب ورفضت رسالة المسيح في قولها اصلبه اصلبه دمه علينا وعلي أولادنا فناحت عند صليبه ثالثا يبكي علي مستقبلها ودينونة الله عليها لقد رأى بعلمه الفائق أورشليم بعد أربعين سنة محاصرة بالجيش الروماني اسوارها منهدمه ابوابها محروقة بالنارـ شعبها في شر عظيم رأى لوعة المجاعة التي جعلت الأمهات يبعن أولادهن للذبح رأى الأمة تتشتَّت وتزول فرائضها المقدسة رأي القيصر الذي فضَّلوه عليه، وهم يهتفون ليس لنا ملك إلا قيصر . يسحقهم سحقا لقد ذاق اليهود تلك الأهوال التي جعلت المؤرخين يقولون إنها أشد من كل ما ورد في تاريخ العالم القائد الروماني تيطس ذاته لما دخل المدينة، ورأى الجثث مكدسة في الأزقة، رفع يديه نحو السماء، واستشهد آلهته أنه ليس هو المسؤول عن هذا الخراب، ولكن الذين اضطروه هم شعب اليهود وهم المسؤولون عنه ومازال يسوع يبكي علي اورشليم وعلي كل انسان بعيد كان هذا الشعب متدين لكنه بعيدا كل البعد عن الله كانوا يرتدون بمظاهر التدين ، ان البعد عن الله وكلمته لا يجلب سوي الاحزان والخراب والدمار الايمان الحقيقي ليس مجرد كلام لكنه أفعال فلا تحدثني عن دينك وعقيدتك اومذهبك بل دعني اراهم في افعالك.