
بقلم سام نان – كلمة رئيس التحرير
وسط الحملات الانتخابية الصاخبة، والخطب الرنانة، والتسويق للوعود المعلّبة، يقف المواطن الأسترالي كمن يبحث عن ظلّ في صحراء تمتد بلا نهاية. يطالع التصريحات، يسمع الأرقام، يتلقى الشعارات، ثم يعود إلى بيته ليجد نفسه في صراع يومي مع فواتير لا ترحم، وإيجارات تتصاعد بلا ضوابط، ورواتب بالكاد تكفي.
ما يريده الأستراليون ليس ترفًا ولا أحلامًا وردية، بل أساسيات الحياة.
بيتٌ دافئ، دخل مستقر، تعليم محترم لأطفالهم، ورعاية صحية لا تحتاج إلى قائمة انتظار طويلة أو قروض طارئة. المواطن لا يريد من يتحدث باسمه، بل من يستمع إليه حقًا. لا يحتاج من ينظر إليه من فوق، بل من ينزل إلى مستوى همومه ويمسك بيده في لحظات القلق والضيق.
واقع الحال يقول إن ثقة المواطن في قدرة الطبقة السياسية على تحسين معيشته تضعف عامًا بعد عام. فبينما تتسابق الحكومات والمعارضات على تسجيل النقاط، يخسر المواطن معاركه الحقيقية مع أسعار الوقود، وتكاليف الغذاء، وسوق العمل غير المستقر. تُرفع شعارات عن المستقبل، لكن الحاضر يبقى مهتزًا، ضبابيًا، ومليئًا بالقلق.
لقد أصبح الأمان المعيشي ترفًا في بلد يفترض أنه من أغنى دول العالم. هذه المفارقة المؤلمة تطرح تساؤلات كثيرة: ما الأولويات؟ من يُسمع صوته؟ ومن يدفع الثمن عندما تُخطئ السياسات؟ للأسف، الجواب واحد في كل مرة: المواطن.
نحن بحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات. فكرامة الإنسان يجب أن تتصدر كل قرار. والحديث عن اقتصاد ناجح لا معنى له ما لم ينعكس على حياة الناس. أستراليا التي نريدها يجب أن تكون دولة لا يضطر فيها الناس إلى الاختيار بين دفع الإيجار أو شراء الطعام. دولة لا يُنظر فيها إلى الشيخوخة كعبء، بل كمرحلة تستحق الاحترام والرعاية.
إن الصحافة الحرة لا تنحاز، لكنها تسأل. لا تُملي الحلول، لكنها تُسلّط الضوء على ما يُغفل. ومن هنا، فإننا في «ميديا نيوز أستراليا» نرفع صوت المواطن الأسترالي، ونقول لمن بيده القرار: إن الأستراليين لا يريدون المزيد من الجدل، بل خطوات ملموسة تضمن لهم حياة كريمة، مستقرة، وآمنة.
العيش الكريم ليس شعارًا، بل حقٌّ أصيل. والإهمال في تأمينه لا يُغتفر.
الأسترالي اليوم بحاجة إلى من يضعه في قلب القرار لا في هوامشه، إلى من يصنع سياسات تُبنى على حاجاته لا على حسابات المصالح والسلطة.
من هنا نبدأ. ومن المواطن تنطلق الحقيقة.